للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوكل على الله]

التوكل على الله هو تفويض الأمر إلى الله عز وجل, والثقة بحسن النظر فيما امر به, فهو اثر من اثار الايمان وخلق ارشد اليه القرآن, فالذي يؤمن بان الله سبحانه وتعالى بيده تصاريف الحياة, وبيده النفع والضر, يكون قويا سويا في خلقه, حكيما في تصرفه مطيعا لله, ومتبعا لهدي نبيه يعيش مطمئنا فلا يفزعه المستقبل, ولا مايحدث في الحياة من مفاجئات اذ لا محل في نفسه للخوف, والقلق والاضطراب, فهو يستعيض الخوف بسكينة وأطمئنان إلى عدل الله ورحمته, ولهذا فإن الايمان يجب ان يصاحبه التوكل, فمن يؤمن بالله يهد قلبه وفي الذكر الحكيم: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (١) فالمتوكل على الله يعمل ولا يعجز, ويفوض امره إلى الله ويثق بعونه ونصره وتأييده قال الشاعر:

لا تجزعن متى اتكلت على الذي ... ما زال مبتدئاً يجود ويفضل

ولقد يريح أخو التوكل نفسه ... إن المريح لعمرك المتوكل (٢)

واذا كانت المدنية اليوم قد افلحت بعض الشي في تيسير العيش والترفيه عن الناس فإنها قد فشلت في بث السكينة في النفس, فلا يزال القلق


(١) - سورة هود الآية (١٢٣) .
(٢) - هذان البيتان ليحيى بن زياد الحارثي١٦٠ هـ /- ٧٧٦ م شاعر، من أهل الكوفة، له في السّفاح والمهدي العباسيين مدائح، وهو ابن خال السّفاح. أقام ببغداد مدة ولم يحمد زمانه فيها، فخرج عنها. وفي أمالي المرتضى: (كان يعرف بالزنديق، وكانوا إذا وصفوا إنساناً بالظرف قالوا هو أظرف من الزنديق، يعنون يحيى لأنه كان ظريفاً) ، توفي في أيام المهدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>