للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثمرة معرفة اسم الله الباعث]

إذا عرف المكلف أن الله تعالى هو الباعث للأموات والباعث على فعل الخيرات والباعث للرسل إلى عباده ليعبدوه سبحانه وتعالى ويوحدوه, وأنه الباعث للهمم للترقي في ساحة التوحيد بهدايته وتوفيقه, وأنه الذي يبعث الإنسان على عليات الأمور؛ وجب عليه أن يؤمن به سبحانه وتعالى, ويسعى إلى معرفته وطاعته والإقبال عليه, وأن يبعث نفسه كما يريد الله تعالى فلا يأتي من الأفعال إلا ما كان مطابقاً لكتاب الله وسنة رسوله, وأن يتأدب مع جلال الله الباعث, فهو الذي يبعث ويجازي بالثواب والعقاب, فيشغل وقته كله بطاعة الله الباعث الوهاب, فيبعث قلبه على اليقين ولسانه على الذكر وجوارحه على العمل, ويلزم نفسه قبول باعث الحق ورد باعث الباطل.

قال الرازي: إن العبد إذا سعى إلى التعلم بعث روحه بعد الموت, وإذا سعى في تعليم الجهلاء فكأنه يبعث أرواحهم بعد موتها. (١)

فالمؤمن باسم الله الباعث يحقق إيمانه بالعمل حتى يكون ممن أدرك الفلاح وتزود للدار الآخرة وتصفح أعماله وحاسب نفسه وجعل أعماله متوافقة مع منهج ربه. قال الخليفة الراشد أبو بكر الصديق (٢) رضي الله عنه:

وَكُلُّهُم لِلَّهِ في البَعثِ مُنشَرٌ ... مُجازىً مُوَفّىً حَقَّهُ لَيسَ يُبخَسُ


(١) - الأسماء الحسنى للرازي ص٢٧٧, والجامع لأسماء الله الحسنى ص٣٨.
(٢) - عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي, (٥١ق. هـ- ١٣هـ/٥٧٣-٦٣٤م) , أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الرجال، وأحد أعاظم العرب, ولد بمكة، ونشأ سيداً من سادات قريش، وغنياً من كبار موسريهم وعالماً بأنساب القبائل وأخبارها وسياستها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش, وحرم على نفسه الخمر في الجاهلية، فلم يشربها، وكانت له في عصر النبوة مواقف كبيرة، فشهد الحروب، واحتمل الشدائد، وبذل الأموال وبويع بالخلافة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة ١١ هـ، فحارب المرتدين، والممتنعين من دفع الزكاة، وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير في العراق, وكان موصوفاً بالحلم والرأفة بالعامة، خطيباً لسناً، وشجاعاً بطلاً مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر ونصف شهر، وتوفي في المدينة, كان يلقب بالصديق.

<<  <  ج: ص:  >  >>