للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في شعر الإمام الشافعي رضي الله عنه:

إِذا رُمتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الرَدى ... وَدينُكَ مَوفورٌ وَعِرضُكَ صَيِّنُ

فَلا يَنطِقَن مِنكَ اللِسانُ بِسَوأَةٍ ... فَكُلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلناسِ أَلسُنُ

وَعَيناكَ إِن أَبدَت إِلَيكَ مَعائِباً ... فَدَعها وَقُل يا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ

وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى ... وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ

[الصمت وأدب اللسان]

إن من لزم الصمت غدا في عقله فاضلاً, وفي جهله عاقلاً, وفي قدرته حليماً, وفي عجزه حكيماً, وقد قيل: "إياك وفضول الكلام فإنه يظهر من عيوبك ما بطن ويحرك من عدوك ما سكن, فكلام المرء بيان فضله وترجمان عقله, فالعاقل من اقتصر على الجميل, واقتصر من الكلام على القليل", فخير الناس من حفظ لسانه, وكف عن عرض أخيه واعرض عمّا لا يعنيه, وفي الحديث النبوي حكمة ومثل: (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ) (١) .

وقال أبو حاتم رضي الله عنه: الصمت يكسب المحبة والوقار, ومن حفظ لسانه أراح نفسه, والرجوع من الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام, والصمت منام العقل والمنطق يقظته, وعن أنس أن لقمان قال: "من الحكم الصمت وقليل فاعله", وأنشد للكريزي:

أقلل كلامك واستعذ من شره ... إن البلاء ببعضه مقرون

واحفظ لسان واحتفظ من غييه ... حتى يكون كأنه مسجون (٢)

وقال مالك بن أنس: كل شيء ينتفع بفضله إلا الكلام فإن فضله يضر.


(١) - أخرجه الترمذي في سننه باب فيمن تكلم بكلمه يضحك بها الناس حديث (٢٣١٧) .
(٢) - ووردت أيضا منسوبة لعبد الله بن طاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>