من حق العاقل ان يضيف إلى رأيه رأي العلماء, ويجمع إلى عقله عقول الحكماء, ويحسن اختيار المشير, ويديم الاسترشاد, ويترك الاستبداد, فالرأي الفرد ربما زل, والعقل الفرد ربما ضل, وزلة الرأي تأتي على الفرد فتضعفه, وتأتي على الملك وتؤدي إلى الهلك, فمن التوفيق حسن اختيار المشير, وقديما قيل من احسن الوفاء استوجب الاصطفاء, ومن استشار الرشيد عمل بمشورته, ومن استنصح الصديق وبنى على نصيحته لم يفته حزم ولم يغلبه خصم, ومن استشار العاقل فيما ينويه, واسترشد العالم فيما يأتيه صحت له الامور, وصلح به الجمهور, واستنار منه القلب, وسهل عليه الصعب. فمن جهل المرء وسخفه وسقم رأيه وضعفه ان يتصور في نفسه ويتقرر في حسه. ان في استمداد الاراء واستشارة النصحاء ما يزري به, ويضع من قدره فيستبد بالتدبير ويعرض عن المشير؛ فيبقى في ظلمة الحيرة, ويحصل على الهم والحسرة, فإذا اشكلت عليك الامور, وتغير لك الجمهور فارجع الى رأي العقلاء, وافزع إلى استشارة النصحاء ولا تأنف من الاسترشاد, ولا تستنكف من الاستمداد, فإن تسأل وتسلم, خير من ان تستبد وتندم, ولاتستشر الجاهل بالامور فإن من استرشد الجاهل ضل, ومن جهل موضع قدمه زل, وفي الامثال السائرة: جهل المشير قتل المستشير, واذا استشرت الجاهل اختار لك الباطل, فاستعن بذوي العقول لتدرك المامول فمن