للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرحم الله إسماعيل بن صلاح الأمير حيث يقول:

لا تضق بالأمر صدرا ... واعتمد صبرا وشكرا

إن في القران حرفا ... جاء للمكروه بشرا

ان بعد العسر يسرا ... ان بعد العسر يسرا

ان يسرا مع يسر ... يطردان العسر قسرا

رب يسر كامن قد ... ظنه الإنسان ضرا

ان في تدبير أمر العـ ... ـالم الكلي سرا

حكمة دقت وجلت ... عند رب العرش قدرا

انه لابد يحلو ... ما تجرعناه مرا

وإذا الشدة زادت ... وتناهت فهي بشرا (١)

وقال أخر:

إِنَّ الأُمُورَ إِذا انْسدَّتْ مَسالِكُها ... فالصَّبْرُ يَفْتَحُ منها كُلَّ ما ارْتَتَجَا

لا تَيْأَسَنَّ وإِن طالَتْ مُطالَبَةٌ ... إِذا اسْتَعَنْتَ بصَبْرٍ أَنْ تَرَى فَرَجا

أَخْلِقْ بذِى الصَّبْرِ أَنْ يَحْظَى بحاجَتِهِ ... ومُدْمِنِ القَرْعِ للأَبْوابِ أَنْ يَلِجَا (٢)

وجاء في شعر جميل صدقي الزهاوي:

تمسك بحبل الصبر في كل كربة ... فلا عسر إلا سوف يعقبه يسر

أما الخنساء فهي ترى أن الصبر يعقبه السرور فهي تقول:

فَإِن تَصبِرِ النَفسُ تُلقَ السُرورَ ... وَإِن تَجزَعِ النَفسُ أَشقى لَها

وفي الذكر الحكيم: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (٣) .

[الصبر والرضا به]

الصبر جماع الأمر، ونظام الحزم، ودعامة العقل، وبذر الخير، وحيلة من لا حيلة له.

قال أبو حاتم رضي الله عنه: يجب على العاقل إذا كان مبتدئاً أن يلزم عند ورود الشدة سلوك الصبر، فإذا تمكن حينئذ يرتقي من درجة الصبر إلى درجة الرضا، فليلزم التصبر لأنه أول مراتب الرضا ولو كان الصبر من الرجال لكان كريما، إذ هو بذل الخير وأساس الطاعات، وقيل: أول درجة الاهتمام ثم التيقظ، ثم التثبت، ثم التصبر، ثم الرضا، وهو النهاية في الحالات, وقيل: ما نال عبد شيئاً من جسم الخير من نبي أو غيره إلا بالصبر (٤) ، ولهذا أمر الله عباده المؤمنين بالصبر ووعدهم بعظيم الأجر فقال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٥) ، وقال جل


(١) - هو العلامة أبو محمد إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني اليمني المعروف بالأمير، والد البدر المنير محمد بن إسماعيل صاحب التصانيف الفائقة، وقد وردت هذه الأبيات في ترجمة إسماعيل الأمير في نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف، للعلامة محمد بن محمد زباره، طبعة مركز الدراسات والبحوث ج (١) ص (٣٧٤) .
(٢) - هذه الأبيات نسبت لمحمد بن زنجي البغدادي، وانظر شرح الحماسة لأبي تمام ج (٢) ص (٦٤١) , وفي البيان والتبيين للجاحظ، والشعر والشعراء لأبن قتيبه ورد ذكر البيتين الأولين لمحمد بن بشير ورويت لغيرهم. ونسبت أيضا لابن يسير الرياشي , وأيضاً لمحمد بن حازم الباهلي, والله أعلم.
(٣) - سورة آل عمران (١٨٦) .
(٤) - روضة العقلاء ص (١٢٦) .
(٥) - سورة آل عمران (٢٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>