للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} (١) والحج ركن الإسلام ومجتمع الاخوان وفيه تعظيم لشعائر الرحمن, وفي الحديث النبوي الشريف: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) (٢) , والحج خير وبركة فمن حج البيت زكاة نفسه وغفر ذنبه وظفر بخير وفير واجر كبير, قال الشاعر:

هنيئاً لمن حج بيت الهدى ... وحطَّ عن النفس أوزارها (٣)

وقال اخر:

حبذا الحج وأيامُ مِنَى ... ومُصلّانا وتقبيلُ الحجر (٤)

اما صالح الكواز الحلي فهو يقول:

أرى الحج شاهد عدل لكم ... بتأدية الفرض مهما وجب

[في الحج اجتماع الناس وتآلفهم]

لقد اهتم الشارع الحكيم باجتماع الناس وتآلفهم, وتبادلهم الاخوة الدينية, والمحبة الخالصة, فشرع صلاة الجماعة: ليختلط ابناء أهل الحي الواحد, وشرع الجمعة: ليجتمع أهل البلدة, وشرع الحج: ليجتمع أهل الاقطار والامصار؛ ليتعارفوا, ويتاحابوا, ويتبادلوا الاراء العامة؛ التي تعود بالنفع على الأمة الإسلامية في سائر اقطار المجموعة, قال الشاعر:

هذه مكة العزيزة بيت الله ... يسعى لحجها الثقلان

فالكعبة هي اول بيت وضع للناس لعبادة الله وحده وفي القرآن الحكيم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ *فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (٥)

جعل الله الكعبة البيت الحرام مثابة للناس وامنا

لقد جعل الله للبشر في زحمة الصراع منطقة امان انها الكعبة المشرفة.

والكعبة: البيت الحرام, سمي بذلك كما يقول أهل اللغة لتربيعه (٦) , وقال ابن الجوزي: وفي تسميتها بالكعبة قولان: احدهما لانها مربعة, والثاني لعلوها. وقال ابن خلدون: وتسمى الكعبة لعلوها من اسم الكعب (٧) . انها منطقة الامان التي جعلها الله للبشرية منذ بناء هذا البيت على يد ابراهيم واسماعيل عليهما السلام حينما اسساه على التوحيد, قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (٨) فما


(١) - سورة الحج الآية (١٩٧) .
(٢) - البخاري في صحيحه حديث رقم (٧) .
(٣) - هذا البيت لابن جبير.
(٤) - هذا البيت لابن الرومية.
(٥) - سورة آل عمران الآيتان (٩٦-٩٧) .
(٦) - مختار الصحاح, ص٥٨٦.
(٧) - مقدمة ابن خلدون, ص ٣٥٣.
(٨) - سورة الحج الآية (٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>