احوج البشرية المفزعة الوجلة, المتطاحنة المتصارعة الى منطقة الامان التي جعلها الله للناس في هذا الدين, وبينها للناس في القرآن الحكيم ليعلموا ان الله يعلم مافي السماوات والارض وان الله بكل شيء عليم ليعلموا انه الله سبحانه وتعالى يعلم طبائع البشر وحاجاتهم ومكونات نفوسهم وهتاف ارواحهم وانه يقرر شرائعه لتلبية الطبائع والحاجات, والاستجابة للاشواق والمكونات فالبشرية كلها بحاجة الى عبادة الله بحاجة الى عونه وتوفيقه وتسديده بحاجة الى امان والى منطقة آمنه تقدم في وسط المعركة المستعرة بين المتخاصمين والمتصارعين والمتزاحمين على الحياة بين الاحياء من جميع الانواع والاجناس.. بين الرغائب والمطامع والشهوات والضرورات لتحل الطمأنينة محل الخوف ويحل السلام محل الخصام, وترفرف اجنحة من الحب والإخاء والامن والسلام وتدرب النفس البشرية في واقعها العملي - لا في عالم المثل والنظريات- على هذه المشاعر وهذه المعاني قال تعالى:{جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(١) لقد جمع الله في هذا النص بيان حرمة المكان وحرمة الزمان لانه اراد ان يجعل الكعبة بيت الله الحرام والمسجد الحرام مثابة امن وسلام. تقيم الناس وتقيهم الخوف والفزع, كذلك جعل الله الاشهر الحرم لتكون منطقة امن في الزمان كالكعبة منطقة امن في المكان ثم مد الامن الى خارج منطقة الزمان والمكان, فجعله حقا