للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكيم {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (١) ، وفي سورة الحج يقول الحق: {لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} (٢) .

[ثمرة معرفة اسم الله الحليم]

من عرف أن ربه حليم على من عصاه وجب عليه هو أن يحلم على من خالف أمره فذاك به أولى حتى يكون حليماً فينال من هذا الوصف قدراً يكسر سورة غضبه ويرفع الانتقام عمن أساء إليه، بل يتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية، وكما تحب أن يحلم عنك مالكك، فاحلم أنت عمن تملك الإساءة إليه، لأنك متعبد بالحلم, والصبر قد يكون داخلاً تحت الحلم، إذ كل حليم صابر وقد وُصف الله عز وجل بالصبر كما فيٍ حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: (لَيْسَ أَحَدٌ أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ, إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ) (٣) ، وبناءً على هذا فوصف الله تعلى بالصبر يأتي بمعنى الحلم, ومعنى وصفه بالحلم هو تأخير العقوبة عن المستحقين لها فمن عرف هذا الاسم حفظ الود، وأحسن العهد، وأنجز الوعد وستر العيوب التي راءها، ولم يستفزه الخلق بطغيانهم وعصيانهم (٤) ، قال الشاعر:

وَفي الحِلمِ وَالإِسلامِ لِلمَرءِ وازِعٌ ... وَفي تَركِ طاعاتِ الفُؤادِ المُتَيَّمِ


(١) - سورة البقرة (٢٣٥) .
(٢) - سورة الحج (٥٩) .
(٣) - صحيح البخاري باب الصبر على الأذى حديث (٥٧٤٨) , وصحيح مسلم باب صفة القيامة حديث (٢٨٠٤) .
(٤) - الجامع للأسماء الحسناء ص (٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>