للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهدى وحصلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت السعادة والربح والنجاح والفرح والسرور {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (١) .

[المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة]

إن التنقل والمشي يعين على طلب الرزق, ويكسب الصحة, ويجدد للإنسان النشاط, ويغرس فيه الأمل, ويبعده عن الكسل, وأي قيمة لإنسان فارغ كسول في حياة مفعمة بالجد والعمل وحب الإنتاج, فمن رضي الخمول كان فارغاً كسولا, تموت آماله وهو يرمقها بعين الندامة لا غاية له يسعى إلى تحقيقها ولا طريق واضحة يسير فيها, إن حياته كلها شقاء, قال الرافعي واصفاً حال الكسول:

غير أن الكسول في كل يومٍ ... يجد اليوم كله أهوالا

من يقيم الأمور في الجد يهنا ... والشقا للذين قاموا كسالا

وفي الحديث النبوي: (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ, فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ, قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ, قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي) (٢) .

وقال الشاعر:

وَإِذا رَأَيتَ الرِزقَ ضاقَ بِبَلدَةٍ ... وَخَشيتَ فيها أَن يَضيقَ المَكسَبُ

فَاِرحَل فَأَرضُ اللَهِ واسِعَةُ الفَضا ... طُولاً وَعَرضاً شَرقُها وَالمَغرِبُ (٣)

وقال آخر:

وعليَّ أنْ أسْعى وليْـ ... ـسَ عليّ إدْراكُ النًّجَاحِ (٤)

وفي الحديث النبوي الشريف: (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) (٥) , وفي رواية: (سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا) , قوله: (الدِّينُ) : هُوَ مرفوع عَلَى مَا لَمْ يسم فاعله, وروي منصوباً وروي, (لن يشادَّ الدينَ أحدٌ) , وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إلا غَلَبَهُ) : أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ, وَ (الغَدْوَةُ) : سير أولِ النهارِ, وَ (الرَّوْحَةُ) : آخِرُ النهارِ, وَ (الدُّلْجَةُ) : آخِرُ اللَّيلِ, وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عز وجل بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ


(١) - سورة يونس الآية (٥٨) .
(٢) - أخرجه أبو داود في سننه باب في الاستعاذة حديث (١٣٣٠) .
(٣) - هذان البيتان للإمام علي رضي الله عنه وانظر ديوانه.
(٤) - ينسب هذا البيت لبديع الزمان الهمداني, انظر الموسوعة الشعرية ص٦٦٦.
(٥) - أخرجه البيهقي في شعب الإيمان باب القصد في العبادة حديث (٣٨٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>