للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما امرؤ القيس فهو يقول:

وما تدري اذا يممت ارضا ... بأي الارض يدركك المقيل

واذا كان الإنسان لايدري اين يموت ولاما يكسب في غده فحري ان يستعد لقدوم اجله وان يحسن في عمله, وفي الذكر الحكيم: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (١) .

[الخلود مستحيل فلا تغتر]

اذا علم العاقل ان الحياة فانية وانه لاخلود وان هناك حياة باقية اكثر من ذكر الموت واحسن الاستعداد له, وكان كريما في خلقه قويا في دينه يدرك انها ماانقضت ساعة من امسه الا بقطعة من نفسه, ولا مضت ساعة من دهره الا بقطعة من عمره, فيغتنم فعل الخير لنفسه واهله ومجتمعه, وهو بذلك يكون سائرا على طريق النجاح, عامرا من امور اخرته ما يحرز به الفلاح, فمن عَمَر آخرتَه بلغ اماله, واستظهر لنفسه, فالرب لايموت, والجزاء لايفوت, فكلٌّ يحصد ما زرع, ويجزى بما صنع, فلا تغرنك صحة نفسك, وسلامة امسك فمدة العمر قليلة, وسلامة المرء مستحيلة, فكلٌّ يجري من امله الى غاية تنتهي اليها مدة امله, وينطوي عليها صحيفة عمله. فزد في حسناتك وأنقص من سيئاتك قبل ان تستوفي مدة الاجل, فالخلود مستحيل, فتقصّر عن الزيادة في السيئات وتذكر هادم الذات ومفرق الجماعات, فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ


(١) - سورة لقمان الآية (٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>