للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن الدين لا يؤتى إلا بالعلم, ولهذا أخبر الله تعالى عن صحابة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم الذين أوتوا العلم فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (١) .

[العلم يرفع الله به الوضيع]

إن صلاح الإنسان وفلاحه, وفوزه ونجاحه واجتنابه للشبهات, وابتعاده عن المحرمات, وارتفاعه إلى أعلى الدرجات إنما يكون بالعلم, وإنما وصل من وصل إلى الفضاء وصنع الدبابات والطائرات والصواريخ العابرة للقارات بالعلم قال الشاعر:

العِلمُ يَنهَضُ بِالخَسيسِ إِلى العُلا ... وَالجَهلُ يَقعُدُ بِالفَتى المَنسوبِ

وَإِذا الفَتى نالَ العُلومِ بِفَهمِهِ ... وَأُعيَنَ بِالتَشذيبِ وَالتَهذيبِ

جَرَتِ الأُمورُ لَهُ فَبَرَّزَ سابِقاً ... في كُلِّ مَحضَرِ مَشهَدٍ وَمَغيبِ (٢)

فالعلم عنوان المكارم والأخلاق, المرشد إلى كمال قدرة البديع الخلاق: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ


(١) - سورة الروم الآية (٥٦) .
(٢) - ديوان دعبل الخزاعي ص٥٢. دعبل الخزاعي (١٤٨ - ٢٤٦ هـ / ٧٦٥ - ٨٦٠ م) دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن نهشل الخزاعي، أبو علي. الشاعر المشهور, قال ابن حجر: كان جده رزين مولى عبد الله بن خلف الخزاعي والده طلحة الطلحات ويقال إنه من ولد بديل بن ورقاء الصحابي, وانظر لسان الميزان ج٢ص٤٣٠, وأصل كلمة دعبل: لقب وهو بكسر أوله وثالثه وسكون المهملة بينهما, وآخره لام وهو اسم الناقة الشارف ويقال أيضا للشيء القديم, وقال ابن حجر: أصله من الكوفة، ويقال انه من قرقيسيا وأقام ببغداد. في شعره جودة، كان صديق البحتري وصنّف كتاباً في طبقات الشعراء وكتاب الواحد في مثالب العرب ومناقبها, وله ديوان شعر مطبوع, طال عمره فكان يقول: لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك, وكان طويلاً ضخماً. توفي ببلدة تدعا الطيب بين واسط وخوزستان.

<<  <  ج: ص:  >  >>