للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اختيار الوزراء]

إن حسن اختيار الوزراء دليل توفيق الولاة, لأن بهم يدير ولاة الأمر دولتهم, وتستقيم أمورهم, ففي اختيار أهل القوة والأمانة, والمعرفة والاستقامة, صلاح الأحوال واستقامتها.

ألا ترى أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يجعل له وزيراً من أهله, قال تعالى حكايةً عن موسى عليه السلام: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (١) , وهذا يوسف عليه السلام حكا الله عنه قوله لملك مصر بعد ان قال له: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (٢) .

وقديماً قيل: "من استوزر غير كفءٍ خاطر بملكه, ومن استشار غير أمين أعان على هلكه", فلا يغرنك كبير الجسم من صغيره في المعرفة والعلم, ولا طول القامة فيمن قصر في الكفاية والاستقامة, فإن الدرة في صغرها أنفع من الصخرة في كبرها, واعلم أن الأيدي بأصابعها, والملوك بصنائعها, فإن وزير الملك عينه, وأمينه أذنه, وكاتبه نطقه, وحاجبه خلقه, ورسوله عقله, فإذا ولى الكفؤ الذي يحسن, ويعلم بواطن الأمور وظواهرها, ويعرف موارد الأعمال ومصادرها؛ ظفر بالمراد, فالوزراء أركان الملك وحصون الدولة, فبهم تجمع الأموال, ويقوى السلطان, وتعمر البلدان, فإن استقاموا استقامت الأمور, وإن اضطربوا اضطربت الأمور, وصار الملك بتسويد أهل الجهل مذموماً, حاله حال من حكى الله عنهم على لسان ملكة اليمن: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (٣) .


(١) - سورة طه الآيات (٢٨-٣٢) .
(٢) - سورة يوسف الآيات (٥٤و٥٥) .
(٣) - سورة النمل الآيات (٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>