للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقوق الوالدين من الكبائر]

اذا كان حق الوالدين هو برهما والاحسان اليهما فان عقوقهما ينافي كل ذلك, وفي الحديث النبوي: قال أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا

رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ (١)

فابتعد اخي عن عقوق الوالدين وعن جميع الكبائر, فاضرار عقوق الوالدين كثيرة وكبيرة, فلا تقع في هذه الجريرة, فهي محرمة كبيرة, توصل الى الجحيم, وتمنع من قبول العمل, وتقرب الاجل, فعاق الوالدين لايقبل عمله, وتعجل عقوبته, ومن عق والديه طمس الله بصيرته, ونزع منه الايمان, واسخط اهله عليه, فهو في الدنيا حقير فقير, وفي الاخرة بعيد من رحمة الله العلي الكبير, وعاق الوالدين لايجد شذا الجنّة ولاريحها, فابتعد من هذا الذنب الكبير, فان حق من تولا تربيتك, ورعايتك في صغرك ان تبره, وتحسن اليه, فكان حق والديك ان تبرهما, وتطيعهما, وتدعو لهما, وتحسن اليهما, فكم سعى والداك كي يوفرا لك حاجتك المادية, من طعام, وشراب, وكساء, وحاجات شتى, وكم قاما برعاية اخلاقك, وتثقيف طباعك, وتعليمك وارشادك, فانت مدين لهما كل حياتك, فتذكر ان حملك كان في بطن امك كرها, ووضعك كرها, وان حملك وارضاعك من لبن امك كان ثلاثين شهرا, وتذكر كم اماطا الاذا عن جسدك, وسهرا من اجل راحتك في صحتك ومرضك, واستمع الى كلام الرحمن في محكم القرآن: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢) . فلا تنس ان والديك قد احسنا تربيتك, واصلاح شأنك, فكان حقهما ان تبرهما, وتحسن اليها, ولاتعقهما, ثم عليك الا تنس ان الله جل وعلا مرب ومدبر لخلقه, وانه الذي يمدك بكل ماتحتاج اليه, فهو الذي يربي نفوسنا, ويهدينا ويحسن الينا, ويعافينا, فلا تشرك به شيأ, فالاب اذا كان يربي اولاده لكنه لم يخلقهم, ولم يرزقهم, فنعمة الايجاد, ونعمة الامداد, ونعمة الارشاد والهدى, هي لله وحده, هي للرب الخالق, الذي اوجدك ولم تك شيا, امدك بما تحتاج اليه ثم هداك وعافاك, ورباك, فتعرف على اسم الرب سبحانه وتعالى, لتؤدي حقه, وتشكر له فضله واحسانه اليك: وفي الذكر الحكيم: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٣) فاسأل الرب سبحانه وتعالى يعطك, ويهدك, ويغنك, ويكفك فهو على كل شيء قدير, فلا تضق بك الدنيا, فتعرف عليه فانه اللطيف الخبير, فان اذنبت ووقعت في خطيئة فقل رب اني ظلمت نفسي, فهذا ابو البشرية ادم وزوجته حواء عليهما السلام حينما وقعا في الخطيئة: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٤) فاستجيب لهما فلا تياس من رحمة الله, واسالة المغفرة


(١) - البخاري في صحيحه, حديث رقم (٢٤٦٠) .
(٢) - سورة لقمان الاية (١٤و١٥) .
(٣) - سورة غافر الاية (٦٤) .
(٤) - سورة الاعراف الاية (٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>