للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياتك انفاس تعد فكلما ... مضى نفس منها نقصت بها جزءا

اما الافوه الاودي فهو يقول:

انما نعمة قوم متعة ... وحياة المرء ثوب مستعار

وقال اخر:

وما تؤخر من نفس وان حرصت ... على الحياة اذا ماجاء داعيها

فاغتنم نعمة الحياة, وتمتع بنعم الله, وقوِّ اخلاقك مع الاحياء كي لاتكون في عداد الموتى, ورحم الله شوقي حيث يقول:

وَجَدتُ الحَياةَ طَريقَ الزُمَر ... إِلى بَعثَةٍ وَشُؤونٍ أُخَر

وَما باطِلاً يَنزِلُ النازِلون ... وَلا عَبَثاً يُزمِعونَ السَفَر

فَلا تَحقِرن عالَماً أَنتَ فيهِ ... وَلا تَجحَدِ الآخَرَ المُنتَظَر

وَخُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ ... وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَر

وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا ... شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر

وَلا تَخلُ مِن عَمَلٍ فَوقَهُ ... تَعِش غَيرَ عَبدٍ وَلا مُحتَقَر

وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ ... يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر

وله ايضا:

المَجدُ وَالشَرَفُ الرَفيعُ صَحيفَةٌ ... جُعِلَت لَها الأَخلاقُ كَالعُنوانِ

وَأَحَبُّ مِن طولِ الحَياةِ بِذِلَّةٍ ... قِصَرٌ يُريكَ تَقاصُرَ الأَقرانِ

دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ ... إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني

فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها ... فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني

[بالأمل والفال تصفو الحياة وبالعمل تتجدد]

الحياة جميلة بآمالها فسيحة واسعة, والحياة كلمة تعج بالامل, وتشرق بالآمال, وتهتف بالمعالي, والحياة فيها معنى الحركة والانجاز والامل, ويكفي كلمة الحياة شرفا انها عكس الموت, وضد التوقف, وهذه المعاني تكفي للفرح والشوق بفضل الله ورحمته واهب الحياة, فما عليك اخي الا ان تكون متفائلاً مسرورا بفضل الله وقضائه في هذه الحياة, فالتفاؤل هو النظرة الايجابية المشرقة والواثقة لمستقبل الاشياء, وعند اختفاء التفاؤل من اعماق الانسان فإن التشاؤم يحل محله بما فيه من اسداد للأُفق وظلام في النظرة المستقبلية للانسان, والتفاؤل دافع ايجابي محفز للانسان ليبحث بنفسية منفتحة عن كل ماينفعه في هذه الحياة, فليس هنالك ظلام مطلق, فبين تلال الظلام توجد شموع مضيئة, وقد جاء القرآن من عند الله ليبث التفاؤل والأمل, ويجدد الحياة والثقة بالله تعالى, ففي لحظة الضعف والانكسار يتنزل على نبي الله قول الحق سبحانه وتعالى {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) وفي لحظة طيش العدو وكبره ياتي الامل والتفاؤل في قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (٢) بل قد جاء في الحديث القدسي (انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء) (٣) ,


(١) - سورة آل عمران الاية (١٣٩) .
(٢) - سورة التوبة الاية (٣٢) .
(٣) - البخاري في صحيحة حديث رقم (٦٩٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>