للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكتاب عرضه وحفظه]

عرض الكتاب يعني إمراره وتصفحه يقال عرضت الكتاب أعرضه عرضاً إذا أمررته على طرفك بعد فراغك منه لألا يقع فيه خطأ. (١) وقد يكون العرض على العين وعلى القلب, ومن ذلك قول ابن الأحنف:

عَرَضتُ عَلى قَلبي الفِراقَ فَقالَ لي ... مِنَ الآنَ فَاِيأَس لا أَغُرُّكَ مِن صَبرِ

إِذا صَدَّ مَن أَهوى وَأَسلَمَني العَزا ... فَفُرقَةُ مَن أَهَوى أَحَرُّ مِنَ الجَمرِ

أما عرض الكتاب على الإنسان في يوم القيام الذي ينبأ فيه بما قدم وأخر فهو يعني إبرازه وإظهاره, وفي الذكر الحكيم: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (٢) .

فالله سبحانه وتعالى قد كتب الأعمال كلها وحفظها, فكل حركات الإنسان وسكناته مسجلة محفوظة مزبروة مرقومة, قال تعالى: {كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (٣) أي مرقوم من الرقّم وهو الوشم, أو مرقوم من الرَقم, فكل مخالفة وصورتها, أو مرقّم يستحيل أن تنزع منه صفحة.

فكل شيء أحصاه الله وحفظه, فاعمل تجد حسناتك محفوظة, وسارع إلى الخير يبقى لك ذكره وأجره, فهو مسجل في كتاب حفظه الله لا يضيع ما فيه ولا يخطئ, وفي سورة يس الخبر اليقين: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا


(١) - أدب الكتاب ص١٣.
(٢) - سورة الكهف الآية (٤٩) .
(٣) - سورة المطففين الآية (٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>