للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الأمير إذا استعان بخائن ... كان الأمير شريكه في المأثم (١)

[السياسة الرعناء]

السياسة الرعناء شدة وبلاء، وتعب وشقاء، وسفك للدماء، مازحها الحجاج فخلعت أضراسه، وداعبها أبو مسلم فأحرقت لباسه، وزارها مصعب بن الزبير فقتلته وحراسه، وأحبها يزيد فقطعت أنفاسه، وصافحها المختار فمزقت أحلاسه، وأحبها المهلب فابتلعت أساسه، وعشقها المتوكل فسلطت عليه جلاسه، وشربها القاهر فكسرت عليه كأسه، وعانقها بن الزيات فأحرقت قرطاسه، وجالسها بن المقفع فأبطلت قياسه، وبقنابل سياسة العميان دُمرت اليابان، واحتل الروس الأفغان، ودمروا الشيشان، وجلد المستضعفون شاه إيران، واعتدى الألمان على الجيران (٢) ، واحتلت أمريكا العراق وأفغانستان، وقتلت الشيوخ والنساء والصبيان، وسار صدام وحزب البعث في خبر كان، وشردت إسرائيل الشعب العربي المسلم في فلسطين، وقتلت الآلاف من المؤمنين تحت سمع وبصر المسلمين، وكثير من الساسة العرب في لهو وطرب، ينثرون على الراقصات والمغنيات الذهب، ويتنازلون عن الحق بلا سبب، والمنافقون يصفقون لساستهم، ويمدحونهم على سماجتهم، ويغنون لهم بالأمجاد، وتحرسهم الأجناد، فيالها من سياسة تعبانه، تكرم الزنديق وأعوانه، ويتولى الأمور فيها العربيد، ويكرم فيها أمثال الوليد بن يزيد، فكم من ذكي ضيعت مراسه، وكم من غبي أخرجت


(١) - خزانة الأدب للبغدادي ج٩ص٣٣.
(٢) - مقامات القرني ص (٣٢٠-٣٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>