ونذهب في الحقد أو في الهوى ... مذاهب بعد غدٍ باطلة
يغيرها دوران الزمان ... ونقلة حالته الحائلة
وكم في هوى النفس من آفة ... وفي غضب النفس من غائلة
ولولا النظام وسلطانه ... قطعنا الطريق على السابلة
ولم ينفع الخلق عند الزحام ... ولم تدفع الشيمة الفاضلة
وما أحوج الركب ركب الحياة ... إلى ما تلهى به القافلة
فراح تقل عليه الهموم ... وتقصر ساعاتها القاتلة
وتغنمه راحة في الفراغ ... على تعب العيشة الشاغلة
[الملك هبة الله الواحد المنان]
إن الملك هبة الله ونعمته, وفضله ورحمته, فتاج الملك عفافه, وحسن سياسته, وعدله وإنصافه, وسلاحه كفايته, فمن شكر لله النعمة ظفر بمراده, وبلغ كنه رجائه, فمن حق السائس النبيل أن يسوس نفسه قبل رعيته, ويقهر هواه قبل أن يقهر أضداده, وأن لا يستغش النصيح, كي لا يستحسن القبيح, وأن يستشير النصحاء, ولا يستنكف عن أخذ أراء الصلحاء, فإن من يسأل ويسلم؛ خير ممن يستبد ويندم, فحسن السياسة يورث الاستمرار في الرئاسة, ومن قلد ذوي الفضائل والخبرة استقامت أحواله, ومن قلد ذوي الرذائل اضطربت أعماله.
وقد قيل: إن الاستقامة علة للفلاح والاستدامة, وحسن السيرة حسن القدرة, وحسن السياسة نور الرئاسة, وسوء التدبير سبب التدمير, فالجهل يزل القدم, والبغي يزيل النعم, ومن أعرض عن الحزم والاحتراس وبنى على