أما محمد البغدادي فهو يرى أن من لم تتوفر فيه سلامة الصدر والصدق وكتمان السر فإنه يباع ولو بكف من رماد وذلك حيث يقول:
إذا المرء أخطأه ثلاث ... فبعه ولو بكف من رمادِ
سلامة صدره والصدق منه ... وكتمان السرائر في الفؤادِ (١)
[التلون في الصداقة]
إن التلون في الصداقة مذموم, فالعاقل يحافظ على صديقه وجليسه, وإن من أعظم العيوب التلون في وداد الصديق, وكثرة التأفف والضيق, قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وَلا خَيرَ في وِدِّ اِمرِئٍ مُتَلَّونٍ ... إِذا الريحُ مالَت مالَ حَيثُ تَميلُ
جَوادٌ إِذا اِستَغنَيتَ عَن أَخذِ مالِهِ ... وَعِندَ اِحتِمالِ الفَقرِ عَنكَ بَخيلُ
فَما أَكثَرَ الإِخوان حينَ تَعدّهُم ... وَلَكِنَهُم في النائِباتِ قَليلُ
وقد قيل في صداقة المتلون: مودته متنقلة كتنقل الأفياء, وأخُوته متلونة كتلون الحرباء, قال الشاعر:
قُل لِلَّذي لَست أَدري مِن تَلونه ... أَناصح أَم علي غش يُداجيني
تَغتابَني عِندَ اِقوام وَتَمدحني ... في آخَرينَ وَكل عَنكَ يَأتيني
وقال آخر:
أخ لي كأيام الحياة اخاؤه ... تلون ألوان عليَّ خطوبها
إذا عبت منه عيبة فتركته ... دعتني منه خلة لا أعيبها
(١) - الموسوعة الشعرية ص٣١٤.