للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرى الناسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ ... إِلَيكَ اِنتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ

تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ ... لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ (١)

انك اخي في عرفات تعبد الله العظيم وتؤمن بالله العظيم فاذا علمت ان الله عظيم فعليك ان تعظم شعائر الله, ان تعظم كتابه, ان تعظم امره, ولا يغرك من يعظمون الاقوياء والاغنياء من الناس فانهم لايدركون عظمة الله, فانك اذا لم تؤمن بالله العظيم لن تطيع الله عز وجل, فانت لو سالت هؤلاء الذين يعصون الله ليلا ونهارا, في كسب اموالهم, وفي تعاملهم مع الناس, وفي عدوانهم على الاخرين, وفي استعلائهم بالجاه اوالسلطان, وفي انحيازهم لمصالحهم الا تؤمنون بالله لاجابوا عليك نحن نؤمن بالله ولكنهم لم يدركوا عظمة الله وكرم الله وفضل الله وقوة الله وقدرة الله وقهر الله ولو عرفوا عظمة الله لحملهم ذلك على تحقيق ايمانهم, والتعرف على ربهم, والرجوع الى خالقهم, ولوجدوا في الحج فرصة للعودة الى الله فالايمان الذي لايحملك على طاعة الله لاينجيك من عذاب الله فانك ان رايت عظمة الله عز وجل تلاشت عظمة نفسك وعظمة الخلق وابتعدت عن ظلم نفسك وظلم الاخرين, فتعرف على الله العظيم في وجوده, والعظيم في علمه, والعظيم في قدرته, والعظيم في قهره, والعظيم في سلطانه, والعظيم في نفاذ حكمه, وتعرف على اسمه العظيم ينجك من عذاب الجحيم.

[العظيم من اسماء الله الحسنى]

اسم الله العظيم ورد في القرآن الحكيم تسع مرات منها قوله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (٢) ومنها قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (٣) وورد في السنة النبوي في حديث ابي هريرة عند الترمذي (ان لله تسعة وتسعين اسما) وعد منها (العظيم) وورد في دعاء الكرب عند البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول عند الكرب (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (٤) ومعنى العظيم في حقه تعالى العظيم في وجوده, والعظيم في قدرته, والعظيم في سلطانه وقهره, والعظيم في امره ونهيه, والعظيم في احكامه وشريعته لاحدود لعظمته ليس لعظمته بداية ولالجلاله نهاية ليس كمثله شيء, وقال القرطبي اسم الله العظيم جل جلاله وتقدست اسماؤه جاء في الكتاب والسنة واجمعت عليه الأمة, قال ولاخلاف في اجرائه على العبد وغيره يقال عَظُم الشيُء عِظَما: كبر فهو عظيم. والعظام بالضم مثله, والعظيم فينا ضد الحقير. واعظم الأمر: اي فخمه. والتعظيم: التبجيل. واستعظمه: عده عظيما. واستعظم وتعظم:


(١) - هذه الابيات لاحمد شوقي.
(٢) - سورة البقرة الآية رقم (٢٥٥) .
(٣) - سورة الواقعة الآية رقم (٧٤) .
(٤) - البخاري ومسلم في صحيحيهما حديث رقم (٥٨٧٥) ورقم (٤٩٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>