للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبغير العلم لا تستطيع أن تعالج مشاكل الحياة علاجاً سليماً محكماً, وبغير العلم لا تستطيع أن تحمي نفسك, أو تنقذها من التعالي على الناس والإساءة إليهم, أو تدفع عنها إيذاء المؤذين وعدوان المعتدين, فالعلم إذاً يجمع بين الحق والقوة, والسعادة والسيادة, والعظمة والسلطان.

فبالعلم استطاع الإنسان -في دفاعه عن نفسه- أن يستعمل اللسان والسنان, وبالعلم استطاع أن يسخر الماء والهواء والبحار والكهرباء حتى صار الإنسان بعلمه: كمن يضع في إصبعه خاتم سليمان, ولهذا أوجب الله على الناس سؤال العلماء فقال سبحانه: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (١) , فمن كمل دينه وتم عقله فقد تحلى بالمكارم, واتصف بالمحامد, وكان في صدره على ذلك أكبر شاهد, قال جل شأنه: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} (٢) .

[أشرف العلوم]

إن أشرف العلوم هي العلوم الشرعية المتعلقة بمعرفة الحق سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله وعظيم حقه, وكذلك ما تعلق من العلوم بمعرفة الحلال والحرام والأوامر والنواهي, وما أتى من العلم لبيان شئون المعاد في يوم الحساب, يوم البعث والجزاء والجنة والنار, ثم يأتي بعد ذلك ما يتعلق بعلم الأبدان كالصحة والرياضة وبشئون الحياة وعمارتها وإدارتها. وقد جعل الإمام ابن القيم مبادئ العلم الشرعي وأقسامه ثلاثة, وذلك حيث يقول:


(١) - سورة النحل الآية (٤٣) .
(٢) - سورة العنكبوت الآية (٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>