للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يخشى الله ويبتعد عن الكبرياء والرياء وظلم الأبرياء من عباد الله العلماء؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} والمراد بالعلماء هنا علماء الشريعة والطبيعة وغير ذلك؛ لأنه جل شأنه ذكر العلماء بعد ذكر إنزال الماء من السماء, وإخراج الثمرات من الأرض, واختلاف ألوان الجبال والأحجار والناس والدواب والأنعام؛ فتأمل قول الحق تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (١) , فهؤلاء العلماء هم الذين ينبغي أن ينتظموا في سلك الإيمان والإيقان, فهم الذين يعلمون الخالق العظيم وقدرته, وشدة بطشه ونقمته, وقهره وعذابه وحلمه, وأنه على كل شيءٍ قدير, فهم يخشونه حق خشيته, ويعرفونه حق معرفته.

والعلم في ذاته غاية الغايات, ألا ترى أنه يرشدك إلى بارئك, ويدلك على ما ينجيك, ويطلق عقلك من عقال الأوهام, ويبعدك عن مشابهة الضالة من الأنعام, ويقاوم التعصب والتقليد والتقزم وحب الانتقام, ويجنبك الوقوع في المعاصي والآثام, ويوصلك إلى المعرفة الخالصة, والحق المجرد, فهو وسيلة سامية لغاية بالغة السمو.


(١) - سورة فاطر الآيتان (٢٧-٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>