للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما ابن حمديس فهو يقول:

لي صديقٌ محْضُ النصيحة كالمر ... آه إذ لا تريك منها اختلالا

فَتُريكَ اليمينَ منك يميناً ... بالمحاذاةِ والشمالَ شمالا

ولله در القائل:

وَمِن أَعظَمِ التَقوى النَصيحَةُ أَنها ... مِنَ الدينِ أَضحَت مِثلُ أُسِّ بِنائِهِ (١)

[النصح لايجب في العلانية]

النصيحة محاطة بالتهمة ولهذا فانه لاينبغي ابداؤها الا سرا غالبا (٢) , لأن من وعظ اخاه علانية فقد شانه. ومن وعظه سرا فقد زانه, وقديما قيل: علامة الناصح اذا اراد زينة المنصوح له ان ينصحه سرا, وعلامة من اراد شينة ان ينصحه علانية, ورحم الامام الشافعي حيث يقول:

تَعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادي ... وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجَماعَه

فَإِنَّ النُصحَ بَينَ الناسِ نَوعٌ ... مِنَ التَوبيخِ لا أَرضى اِستِماعَه

وَإِن خالَفتَني وَعَصِيتَ قَولي ... فَلا تَجزَع إِذا لَم تُعطَ طاعَه

اما ابوالعتاهية فيقول:

يريك النصيحة عند اللقاء ... ويبريك في السر بري القلم


(١) - هذا البيت لاحمد بن علي مشرف.
(٢) - قولنا غالبا نحترز بها من بعض احوال النصيحة التي يجوز ابداؤها سرا وعلانية خاصة في بعض ماتعلق من النصيحة لله ولكتابه, ومن ذلك الخضوع لله ظاهرا وباطنا والرغبة في محابه بفعل طاعته والرهبة من سخطه بترك معاصيه سرا وعلنا ووصفه سبحانه وتعالى بما هو اهله, وتعليم كتاب الله ونحو ذلك من الامور التي لاغضاضة من ابداء النصح علانية فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>