للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستمتاع بالسفر والسياحة لا يعني السقوط في الوحل]

الهمة سلاح القلب للمعالي, فهي قد تدفع بالإنسان إلى اكتساب المعارف والعلوم والاستمتاع بالحياة, وهي تتفاوت من إنسان لآخر فمن الناس من يبحث في سفره وسياحته وغربته عن المعالي ويستمتع بحياته,

وهذا (تاكيو أوساهيرا) الياباني عاش ثمانية عشر سنة خارج بلاده اليابان يبحث عن سر تفوق أوربا الميكانيكي ولم يرى أرض اليابان طول تلك السنين ثم عاد بعد أن حفظ الدرس وأتقن الصنعة ليطبقها واقعاً عملياً على أرض بلاده.. يقول: بعد أن رأى رئيس الدولة اليابانية المحركات وهي تشتغل بأرض اليابان ذهبت إلى بيتي ونمت عشر ساعات وهي أول مرة أنام فيها عشر ساعات كاملة منذ خمسة عشر عاماً. (١)

ويرحم الله شوقي حيث يقول:

وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي ... وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا

وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ ... إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا

وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٢) .

ولكن همم الناس ورؤيتهم للحياة تتفاوت, فمن الناس من يعشق السفر والترفيه بهمة عالية ولكنه يقع في حبائل الشيطان وينخرط في مصائده, فهو لا يعي معنى كلمة سياحة وسفر ويعتبر سياحة الترفيه ضرباً خالصاً من المجون الذي لا يربطه رابط ولا يضبطه ضابط وما أن يغادر بلده ويهبط في البلد التي عزم السفر إليه حتى يعتبر نفسه خارج المراقبة الربانية بل خارج حدود الرصانة والعقل واللياقة والأدب, فيبدد الأموال على موائد المتعة التي ضلت طريق الصواب, فكثيراً ما ينثر بعضهم النقود على الراقصات أو تحت


(١) - ابدأ كتابة حياتك فصول في عناق المجد, ص٣٣, الناشر: دار القلم دمشق, الطبعة الأولى ٢٠٠٨م.
(٢) - سورة الرعد الآية (١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>