للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واغتياب المرء غيره دليل على عيبه واستمراره في غيه, وقديماً قيل: "من وجدتموه غياباً وجدتموه معيباً لأنه يعيب الناس بفضل عيبه", وفي ذلك يقول الشاعر:

ويأخذ عيب المرء من عيب نفسه ... مراد لعمري ما أراد قريب

قال ابن عبد البر: سمع إعرابي رجل يقع في الناس فقال: قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس, لأن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها. قال الشاعر:

وأجرؤ من رأيت بظهر غيب ... على عيب الرجال أخو العيوب (١)

أما المقنع الكندي فإنه يرى التعفف والترفع عن حال من يأكل لحوم الناس محل مجده وفخره فيقول:

وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي ... وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا

أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ ... دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا

فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم ... وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا

وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم ... وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا

[من اغتاب أغتيب]

إن من يتعرض لأعراض الناس يتعرضون لعرضه, وقديماً قيل: "من رمى الناس بما فيهم رموه بما ليس فيه", وقيل: "بحثك عن عيوب الناس يدعو إلى بحثهم عن عيوبك", قال الشاعر:

ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق وبالباطل (٢)


(١) - البيان والتبيين للجاحظ ج١ص٥٨ , ومعجم الأدباء لياقوت الحموي ج٢ص٢٧٦.
(٢) - محاضرات الراغب ص١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>