للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحر يأبى الذل والهوان]

الحر بفطرته وسجيته يأبى الذل والهوان, قال المتلمس الضبعي (١) :

إِنَّ الهَوانَ حِمارُ القَومِ يَعرِفُهُ ... والحُرُّ يُنكِرُهُ والرَّسلَةُ الأُجُدُ

وَلا يُقيمَ عَلى خَسفٍ يُرادُ بِهِ ... إِلاّ الأَذَلاّنِ عَيرُ الأَهلِ وَالوَتِدُ

هَذا عَلى الخَسفِ مَنقولٌ بِرُمَّتهِ ... وَذا يُشَجُّ فما يَبكي لَهُ أَحَدُ (٢)

وقال الشنفرى (٣) :

وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى ... وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ

لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ ... سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ

وقال آخر:

وإذا الديار تنكرت عن حالها ... فدع الديار وسارع التحويلا


(١) - جرير بن عبد العزى، أو عبد المسيح، من بني ضُبيعة، من ربيعة, (ت ٤٣ق. هـ٥٨٠م) , شاعر جاهلي، من أهل البحرين، وهو خال طرفة بن العبد, كان ينادم عمرو بن هند ملك العراق، ثم هجاه فأراد عمرو قتله ففرَّ إلى الشام ولحق بآل جفنة، ومات ببصرى، من أعمال حوران في سورية. وفي الأمثال: أشأم من صحيفة المتلمس، وهي كتاب حمله من عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين وفيه الأمر بقتله ففضه وقُرِأ له ما فيه فقذفه في نهر الحيرة ونجا, وقد ترجم المستشرق فولرس ديوان شعره إلى اللغة الألمانية.
(٢) - وردت هذه الأبيات في بلوغ الأرب شرح لامية العرب جمع وتحقيق محمد عبد الحكيم القاضي ومحمد عبد الرزاق عرفان, منسوبة إلى المتلمس, ص٣١ , طبعة دار الحديث , وأوردها أيضا البحتري في الحماسة منسوبة إلى المتلمس, وانظر: الحماسة ص١٩ , طبعة الرحمانية.
(٣) - عمرو بن مالك الأزدي، من قحطان, المتوفى سنة (٧٠ ق. هـ/ ٥٥٤م) , شاعر جاهلي، يماني، من فحول الطبقة الثانية وكان من فتاك العرب وعدائيهم، وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم, قتلهُ بنو سلامان، وقيست قفزاته ليلة مقتلهِ فكان الواحدة منها قريباً من عشرين خطوة، وفي الأمثال (أعدى من الشنفرى) . وهو صاحب لامية العرب، شرحها الزمخشري في أعجب العجب المطبوع مع شرح آخر منسوب إلى المبرَّد ويظن أنه لأحد تلاميذ ثعلب. وللمستشرق الإنكليزي ردهوس المتوفي سنة ١٨٩٢م رسالة بالانكليزية ترجم فيها قصيدة الشنفرى وعلق عليها شرحاً وجيزاً. والقلى: البغض والعداوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>