للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مكانة الصدق رفيعة]

أجمع الفقهاء والعلماء على ثلاث فيها النجاة: الإسلام الخالص عن البدعة والهوى، والصدق لله تعالى في الأعمال، وطيب المطعم.

وقال محمد سعيد المروزي: إذا طلبت الله بالصدق آتاك الله مرآة بيدك حتى تبصر كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة. (١)

وللصادقين مكانة رفيعة يرضونها في الجنة تخصهم قال تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} (٢) ، وروى عبيد الله بن محمد التميمي عن أبيه قال: (كان عمر بن الخطاب بمنى فعطش، فانتهى إلى عجوز، فاستسقاها ماءاً, فقالت: ما عندنا، فقال: لبناً، فقالت: ما عندنا، فبدرت جارية، فقالت لها: تكذبين وما تستحيين؟ ثم قالت لعمر: هذا السقاء فيه لبن، فسأل عمر عن الجارية فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر، فزوجها منه، فولد له منها أم عاصم، فتزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له عمر بن عبد العزيز بن مروان رحمة الله عليه) (٣) , والمرء مسئول عن إيمانه وصدقه وعن وفائه بعهده, وفي الذكر الحكيم: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً} (٤) .

الصادق في أسماء الله وصفاته

نطق به القرآن اسماً وفعلاً قال تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ} (٥) , وقال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً} (٦) , وقال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً} (٧) ,

وقال: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} (٨) . والصادق في وصفه سبحانه صفة ذاتيه له راجعة إلى معنى كلامه, إذ الصدق هو ما تضمنه كلامه وهو المتكلم به, قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ} (٩) , فالله تعالى صادق في قوله, صادق في حديثه, صادق في وعده, خاطب عباده فأخبرهم بما يرضيه عنهم ويسخطه عليهم, وبما لهم من الثواب عنده إذا أرضوه, ومن العقاب لديه إذا أسخطوه, فصدقهم ولم يغررهم ولم يلبس عليهم, قاله الحليمي. (١٠)

وقال بعض العلماء: أنه لم يرد في القرآن, وقد أنكر عليهم بعض الباحثين وقال: عجباً لهؤلاء الأئمة مع تبحرهم في كتاب الله تعالى والبحث في معانيه وتفسيره وتلاوته ليلاً ونهاراً كيف غفلوا عن هذا الاسم العظيم, حتى يقولوا: إنه لم يرد في القرآن وإنما ورد فعله؟! فكأنهم -رحمهم الله-


(١) - الترغيب والترهيب للمنذري تحقيق مصطفى محمد عمارة المجلد الثالث ص٦٠١.
(٢) - سورة القمر (٥٥) .
(٣) - روضة العقلاء ص (٤٥-٤٦) .
(٤) - سورة الأحزاب (٧-٨) .
(٥) - سورة الأنعام (١٤٦) .
(٦) - سورة النساء (١٢٢) .
(٧) - سورة النساء (٨٧) .
(٨) - سورة الزمر (٧٤) .
(٩) - سورة آل عمران (١٥٢) .
(١٠) - الجامع لأسماء الله الحسنى ص١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>