للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن: ابن آدم، أنتَ أسيرٌ في الدنيا، رَضيتَ من لذّتها بما يَنْقضي، ومن نَعِيمها بما يَمْضي، ومن مُلْكها بما يَنْفد، فلا تَجمْع الأوزار لِنَفْسك ولأهلك الأمْوال، فإذا مِتّ حملتَ الأوزار إلى قَبْرك، وتركتَ أموالَك لأهلك. أخذ أبو العتاهية هذا المعنى فقال:

أبْقَيْتَ مالَك مِيراثاً لوارِثه ... فليتَ شِعْرِيَ ما أبقى لك المالُ

القومُ بَعدك في حالٍ تَسرُّهم ... فكيفَ بَعدهم دارت بك الحال

مَلُّوا البُكاء فما يَبْكيك من أحد ... واستَحْكَم القِيلُ في الميراث والقَال

وفي الحديث المرفوع: أشدّ الناس حَسْرَةً يوم القيامة رجلٌ كَسب مالاً من غير حِلِّه فدخلَ به النارَ، وورَّثه مَن عَمِل فيه بطاعة اللهّ فَدَخل به الجنة.

[فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه]

الناس يفتتنون بالمال, ويميلون إلى صاحبه, والعاقل لا يغتر بهذه الشهوة, ولا يسعى إلى هذه الفتنة في كل الأحوال, ومن أراد السلامة من ذلك فإنه لا يسعى لجمع المال إلا من الحلال, ولا يشبع رغبته وشهوته في جميع الأحوال لأنه يعلم أن مصير ذلك إلى الزوال, وفي محكم التنزيل: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (١) , وفي سورة التغابن: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (٢) .


(١) - سورة الأنفال الآية (٢٨) .
(٢) - سورة التغابن الآية (١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>