للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإنسانية أصلها واحد]

الأمر الذي لا مرية فيه أن أصل بني الإنسان واحد, وأن الإنسانية كلها وحدة واحدة, وإن تباينت مظاهرها في ألوانها وأجسادها وأشكالها, واختلفت ألسنتها وآراؤها ومذاهبها ومواطنها؛ فتلك نتيجة طبيعية لاختلاف البيئات, أو هي اعتبارات ومصطلحات لاتفاقات تعرض لجوهر الإنسان عند تكوينه واستكمال خلقه, وآية دالة على إحكام الله لخلقه, وفي الذكر الحكيم: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} (١) , فالآية دالة على عظيم صنع الله وتصويره وتقديره وكبير إحسانه وإكرامه للإنسان بما ليس له مثيل, فتدبر قول الحق تبارك وتعالى مخاطباً ملائكته: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} (٢) , فالإنسان العاقل يجب ألا يقابل هذا التكريم بالجحود؛ فيتعالى على غيره من بني الإنسان, فلا يجوز لصاحب وطن من الأوطان أو بلد من البلدان أو إقليم من الأقاليم أن يتعالى على غيره من بني الإنسان, إذ لو جاز ذلك لجاز للابن أن يتنكر لوالده, والأب لابنه, والأخ لأخيه, وأنى له ذلك وقد خلق الله الناس جميعاً من نفس واحدة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ


(١) - سورة الروم الآية (٢٢) .
(٢) - سورة الحجر الآية (٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>