وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (١) , في هذه الآية خاطب الله جل وعلا الناس كافة بقوله يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي أنشأكم ورباكم بنعمه فاتقوه في أنفسكم، ولا تتعدوا حدوده فيما شرعه من الحقوق والآداب، مما فيه صلاح شأنكم، فإنه خلقكم من نفس واحدة، فكنتم جنساً واحداً تقوم مصلحته بتعاون أفراده وإتحادهم وحفظ بعضهم حقوق بعض، فتقوى الله فيها الشكر لربوبيته، وفيها ترقية لوحدتكم الإنسانية، فاتقوا الله في أمره ونهيه في حقوق الرحم التي هي أخص من حقوق الإنسانية، بأن تصلوا الرحم التي أمركم الله بوصلها، واحذروا ما نهاكم عنه من قطعها، لما في تقواه من الخير لكم الذي يذكركم به تساؤلكم فيما بينكم باسمه الكريم وحقه على عباده, وسلطانه الأعلى على قلوبهم وبحقوق الرحم، وفي هذا التساؤل من الاستعطاف والإيلاف ما يكفي للتعاطف والتراحم، فلا تفرطوا في هاتين الرابطتين بينكم رابطة الإيمان بالله وتعظيمه، ورابطة وشيجة الرحم، فإنكم إذا فرَّطتم في ذلك أفسدتم فطرتكم، فتفسد حينئذ البيوت والعشائر والقبائل، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} أي: مشرفاً على أعمالكم حفيظاً مطلعاً على جميع أحوالكم.