للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التواب من اسماء الله الحسنى جاء في كتاب الله مقترنا باسم الله الرحيم والحكيم وورد ذكره في القرآن احدى عشرة مرة منها قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (١)

وقوله تعالى: {وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٢) وقال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٣) وقولة تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} (٤) وقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (٥) وجاء في السنة النبوية في حديث ابي هريرة عند الترمذي ان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وعد منها (التواب) (٦) ومعنى اسم الله التواب, اي الذي يعود على عباده بالخيرات ويعود على عباده بالاحسان, وبالرحمة والغفران, والتواب فعّال من ابنية المبالغة فهو سبحانه وتعالى كثير التوبة على عباده فمن تاب اليه من عباده المذنبين ترك مجازاته بإنابته الى طاعته, فهو الذي يعود على عباده بالرحمة والاحسان والعفو والانابة, وقال الخطابي: التواب هو الذي يتوب على عباده فيقبل توبتهم كلما تكررت التوبة تكرر القبول، وهو يكون لازما ويكون متعديا بحرف يقال: تاب الله على العبد بمعنى وفقه للتوبة فتاب العبد كقوله: (ثم تاب عليهم ليتوبوا) ومعنى التوبة عود العبد إلى الطاعة بعد المعصية (٧) وفي المقصد الاسنى للغزالي: (التواب) هو الذي يرجع إلى تيسير أسباب التوبة لعباده مرة بعد أخرى بما يظهر لهم من آياته ويسوق إليهم من تنبيهاته ويطلعهم عليه من تخويفاته وتحذيراته حتى إذا اطلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب استشعروا الخوف بتخويفه فرجعوا إلى التوبة فرجع إليهم فضل الله تعالى بالقبول (٨) .

اما ابن قيم الجوزية فهو يقول:

وَكَذَلِكَ التَّوَّابُ مِن أوصَافِهِ ... وَالتَّوبُ فِي أوصَافِهِ نَوعَانِ

إذنٌ بتَوبَةِ عَبدِهِ وَقَبُولِهَا ... بَعدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المَنَّانِ

[ثمرة معرفة اسم لله التواب]

اذا عرف المكلف ان الله سبحانه وتعالى هو التواب الحكيم الرحيم الذي يتوب على التائبين ويغفر ذنوب المذنبين وأنه الذي يوفق من شاء للتوبة والانابة وأنه الذي يقبل التوبة ويعفو عن السيئات وجب عليه ان يؤمن به وان يتوب الى الله من جميع ذنوبه وأخطائه وان يسأل الله التوبة والعفو والغفران فهو التواب الذي يقبل الدعاء بالاجابة والعطاء والاعتذار بالاستغفار والانابة بالاجابة والتوبة بغفران الحوبة, فاذا تاب العبد الى الله


(١) - سورة البقرة الاية (٣٦) .
(٢) - سورة البقرة الاية (١٦٠) .
(٣) - سورة التوبة الاية (١٠٤) .
(٤) - سورة النور الاية (١٠) .
(٥) - سورة النصر الاية (٣) .
(٦) - الترمذي في سننه حديث رقم (٣٤٢٨) .
(٧) - الاسماء والصفات للبيهقي, ص ١٤١.
(٨) - المقصد الاسنى للغزالي, ص١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>