للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكم من دم سفكه فم, وإنسان أهلكه لسان, فمن قال ما لا ينبغي سمع ما لا يشتهي, فقصر كلامك تسلم, وأطل احتشامك تكرم. (١)

[الإصغاء إلى الغيبة]

من أصغى إلى الغيبة فقد وقع في الإثم والريبة, فصن سمعك عن الغيبة والأذى, فإنك مسئول عن سمعك وبصرك ولسانك, فلا تكن من الغافلين, وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (٢) .

فأحسن استخدام سمعك قبل فوات وقتك وحلول سؤالك, وتب عمّا سمعته من القبيح؛ تستقم وتسترح, وقد جاء في شعر محمود الوراق:

وَسَمعَكَ صُن عَن سَماعِ القَبيحِ ... كَصَونِ اللِسانِ عَنِ النُطقِ بِه

فَإِنَّكَ عِندَ اِستِماعِ القَبيحِ ... شَريكٌ لِقائِلِهِ فَاِنتَبِه (٣)

[الأعذار المرخصة في الغيبة]

إذا كان الأصل هو حفظ اللسان وعدم جواز الخوض في الإعراض فان العاقل يحافظ على لسانه, أما إذا دعت الضرورة لاستماع شيء مما رخص فيه كأن تريد أن تتظلم مما وقع عليك من سلطان غشوم أو جبار نهوم أو أردت تغيير منكر, أو تغيير المعاصي التي تذكر, أو تستفتي عن حال رجل شحيح, أو تحذر من حال منافق أو مبتدع فاسق, أو كان هناك من يجاهر بالمعاصي, فإنه في مثل هذه الحالة قد ورد الترخيص في السماع والجهر بالظلامة التي اقتضت التعريف, وفي ذلك يقول الخبير اللطيف: {لاَّ يُحِبُّ اللهُ


(١) - الفرائد والقلائد ص٢٧.
(٢) - سورة الإسراء الآية (٣٦) .
(٣) - الذريعة إلى مكارم الشريعة ص٢٨٣ , والموسوعة الشعرية ص٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>