للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الدرداء: لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين منصت واعٍ أو متكلم عالم. (١) , ولقد أحسن من قال:

إِن كانَ يُعجِبُكَ السُكوتُ فَإِنَّهُ ... قَد كانَ يُعجِبُ قَبلَكَ الأَخيارا

وَلَئِن نَدِمتَ عَلى سُكوتِكَ مَرَّةً ... فَلَقَد نَدِمتَ عَلى الكَلامِ مِرارا

وفي الامثال السائرة: عي الصمت أحسن من عي المنطق، العِيُّ-بالكسر المصدر-,والعَيُّ-بالفتح-الفاعل، يعني عِيٌ مع صمت خير من عي مع منطق، وهذا كما يقال السكوت ستر ممدود على العي، وفدام (٢) على الفدامة.

قال الشاعر:

خَلِّ جَنبَيكَ لِرامِ ... وَاِمضِ عَنهُ بِسَلامِ

مُت بِداءِ الصَمتِ خَيرٌ ... لَكَ مِن داءِ الكَلامِ

عِش مِن النَاسِ إنْ اسطعـ ... ـت سَلاماً بِسَلامِ (٣)

وقديماً قيل: عثرة القدم اسلم من عثرة اللسان، وليس من العدل سرعة العذل, أي لا تعجل فيما تقول أو فيما تأتي قبل ان تعرف العذر لأنك ربما وقعت في الخطأ.

وقد قال بعض الصالحين: "الزم الصمت يُكسبك صفو المحبة, ويأمنك سوء المغبة, ويلبسك ثوب الوقار, ويكفك مؤنة الاعتذار", وقيل: "الصمت آية الفضل, وثمرة العقل, وزين العلم, وعون الحلم؛ فالزمه تلزمك السلامة",


(١) - روضة العقلاء ص٣٧.
(٢) - الفدام- بوزن سحاب او كتاب- المصفاة تجعل على فم الابريق ليصفى ما فيه.
(٣) - وردت هذه الابيات في مجمع الامثال للميداني ج (٢) ص (٢٥) غير منسوبة الى قائل بعينه، غير انها وردت هذه الابيات منسوبة الى ابي نواس في ديوانه والله اعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>