للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلي فَرَسٌ لِلحِلمِ بِالحِلمِ مُلجَمٌ..... وَلي فَرَسٌ لِلجَهلِ بِالجَهلِ مُسرَجُ

فَمَن شاءَ تَقويمي فَإِنّي مُقَوَّمٌ ... وَمن شاءَ تَعويجي فَإِنّي مُعَوَّجُ

وَما كُنتُ أَرضى الجَهلَ خَدناًوَصاحِباً ... وَلَكِنَّني أَرضى بِهِ حينَ أُحرَجُ (١)

وله من قصيده أخرى يقول فيها:

إذا كنت بين الحلم والجهل مائلا ... وخيرت أنا شئت فالحلم أفضل

ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا ... ولم ير فضلاً منك فالجهل أفضل (٢)

أما الفرزدق فهو يقول:

أَحلامُنا تَزِنُ الجِبالَ رَزانَةً ... وَتَخالُنا جِنّاً إِذا ما نَجهَلُ (٣)

ويقول ابن مجير الأندلسي:

ليت الشبابَ الذي ولت نضارتُهُ ... أعطانِي الحِلمَ فيما كان أعطاني

فلم تكن مِنةٌ للشيبِ أحملُها ... ولم يكن من سروري بعضُ أحزاني

قال أبو عبيد: من أمثالهم في الحلم: "إذا نزا بك الشر فابعد -أي فاحلم ولا تسارع إليه-", ومنه قول الآخر: "الحليم مطية الجهول -أي يحتمل جهله ولا يؤاخذه به, يضُرب في وجوب الإغضاء عن الجاهل-", وقولهم: "لا ينتصف حليم من جاهل", وقولهم أيضاً: "أخِّر الشر فإن شئت تعجلته", وقولهم في الحليم: إنه لواقع الطير ولساكن الريح", وقولهم في الحلماء: "كأنما على رؤسهم الطير", ومنه قولهم: "إنما أسمع فأذر", وقولهم: "حلمي أصم وأذني غير صماء -يضرب به الحليم للجهول أي أعرض عن الخنا بحلمي وإن سمعته بأذني-". (٤)

[قصة للرشيد]

اختار الرشيد رجلا صالحا يوليه القضاء. فجاء اليه الرجل وقال: يا أمير المؤمنين , إني لا احسن القضاء ولست بفقيه. قال له الرشيد: إنما فيك ثلاث خلال: لك الشرف والشرف يمنع صاحبه من الدناءه, وفيك الحلم والحلم يمنع صاحبه من العجلة, ومن لم يعجل قل خطأه, وانت تشاور في امرك ومن شاور كثر صوابه. واما الفقه فنحضر لك من تتفقه على يديه, وولاه الرشيد القضاء فما وجد فيه مطعنة (٥) . ولله در أبي العتاهية حيث يقول:

فَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ حِلماً فَإِنَّني ... أَرى الحِلمَ لَم يَندَم عَلَيهِ حَليمُ

وَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ عَزماً عَلى التُقى ... أُقيمُ بِهِ ما عِشتُ حَيثُ أُقيمُ

أَلا إِنَّ تَقوى اللَهِ أَكرَمُ نِسبَةٍ ... تَسامى بِها عِندَ الفَخارِ كَريمُ

إِذا ما اجتَنَبتَ الناسَ إِلا عَلى التُقى ... خَرَجتَ مِنَ الدُنيا وَأَنتَ سَليمُ

[الحليم اسم من أسماء الله تعالى]

الحليم اسم من أسماء الله الحسنى فقد ورد في الحديث النبوي: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) (٦) ، وقد عُد منها


(١) - ونسبت هذه الأبيات أيضا لمحمد بن حازم الباهلي , ولمحمد بن وهيب الحميري , والله أعلم.
(٢) - الموسوعة الشعرية (٩٢) .
(٣) - سمط اللألي لأبي عبيد البكري ج (١) ص (٢١٨) , تحقيق عبد العزيز الميني ١٣٥٤هـ, الموسوعة الشعرية ص (١٩٢) .
(٤) - العقد الفريد ج٣ص٥٠.
(٥) - دليل السائلين ص ٢١٦
(٦) - صحيح البخاري باب ان لله مائة اسم إلا واحداً حديث (٦٩٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>