للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المرء إلا يكون حليماً حتى يكون ذا عثرة نفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسم الحليم عمن لم يكن بذي عثرة، لنقصه عن الكمال (١) .

والحليم شأنه رفيع لا يهين نفسه ولا يسيء إلى أهله, والعاقل لا يفارق الحلم ما وجد لاستعماله سبيلا, والحلم لا يكون إلا عن قدره.

قال الشاعر:

كُلُّ حِلمٍ أَتى بِغَيرِ اِقتِدارٍ ... حُجَّةٌ لاجِئٌ إِلَيها اللِئامُ (٢)

وقال سالم ابن واضبه:

ان من الحلم ذلا أنت عارفه ... والحلم عن قدرة فضل من الكرم (٣)

وقال المتنبي:

إِذا قيلَ رِفقاً قالَ لِلحِلمِ مَوضِعٌ ... وَحِلمُ الفَتى في غَيرِ مَوضِعِهِ جَهلُ

ويقول ابن زيدون (٤) :

حَليمٌ تَلافى الجاهِلينَ أَناتُهُ ... إِذِ الحِلمُ عَن بَعضِ الذُنوبِ عِقابُ

أما صالح ابن جناح فهو يقول:

لَئِن كُنتُ مُحتاجاً إِلى الحِلمِ إِنَّني ... إِلى الجَهلِ في بَعضِ الأَحايِينِ أَحوَجُ


(١) - روضة العقلاء ص (١٧٠) .
(٢) - هذا البيت ينسب للمتنبي.
(٣) - محاضرة الأدباء ص (٩٥) .
(٤) - ابن زيدون: (٣٩٤-٤٦٣هـ/١٠٠٣-١٠٧٠م) أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد. وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف. فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد. ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين. وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا. ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي. وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>