للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي ... جَعَلتُ الرَجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلَّما

تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمّا قَرَنتُهُ ... بِعَفوِكَ رَبّي كانَ عَفوُكَ أَعظَما

فَما زِلتَ ذا عَفوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَل ... تَجودُ وَتَعفو مِنَّةً وَتَكَرُّما

فَلَولاكَ لَم يَصمُد لِإِبليسَ عابِدٌ ... فَكَيفَ وَقَد أَغوى صَفِيَّكَ آدَما

فَلِلَّهِ دَرُّ العارِفِ النَدبِ إِنَّهُ ... تَفيضُ لِفَرطِ الوَجدِ أَجفانُهُ دَما

يُقيمُ إِذا ما اللَيلُ مَدَّ ظَلامَهُ ... عَلى نَفسِهِ مَن شِدَّةِ الخَوفِ مَأتَما

فَصيحاً إِذا ما كانَ في ذِكرِ رَبِّهِ ... وَفي ما سِواهُ في الوَرى كانَ أَعجَما

وَيَذكُرُ أَيّاماً مَضَت مِن شَبابِهِ ... وَما كانَ فيها بِالجَهالَةِ أَجرَما

فَصارَ قَرينَ الهَمِّ طولَ نَهارِهِ ... أَخا السهدِ وَالنَجوى إِذا اللَيلُ أَظلَما

يَقولُ حَبيبي أَنتَ سُؤلي وَبُغيَتي ... كَفى بِكَ لِلراجينَ سُؤلاً وَمَغنَما

أَلَستَ الَّذي غَذَّيتَني وَهَدَيتَني ... وَلا زِلتَ مَنّاناً عَلَيَّ وَمُنعِما

عَسى مَن لَهُ الإِحسانُ يَغفِرُ زَلَّتي ... وَيَستُرُ أَوزاري وَما قَد تَقَدَّما

[الرحمن الرحيم في اسماء الله الحسنى]

الرحمن الرحيم من اسماء الله الحسنى مشتقان من الرحمة, على وجه المبالغة, والرحمن اشد مبالغة من الرحيم, وهما اسمان دالان على انه سبحانه وتعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء وعمَّت كل حي, قال الخطابي: فالرحمن ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، وعمت المؤمن والكافر، والصالح والطالح, وأما الرحيم فخاص للمؤمنين كقوله: (وكان بالمؤمنين رحيما) (١) وقال القرطبي: الرحمن الرحيم جل جلاله وتقدست اسماؤه نطق بهما التنزيل, وجاءا في حديث ابي هريرة, وتكررا في غير موضع في الكتاب والسنة واجمعت عليهما الامة (٢) , قلت ذُكر (الرحمن) في القرآن الكريم سبعة وخمسين مرة منها قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (٣) وقوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (٤) وقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} (٥) وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٦) وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (٧) وقوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} (٨) , اما اسمه جل وعلا الرحيم فقد ذكر في القرآن مائة واربع عشرة مرة, منها ماسلف الاشاره اليه ومنها قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٩) ومنها قوله: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (١٠) ومنها: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١١) وسبق الإشارة الى ان


(١) - الاسماء والصفات للبيهقي, ص٩١.
(٢) - الاسنى في شرح اسماء الله الحسنى, ص٤٧٦.
(٣) - سورة الفاتحة الاية (١-٣) .
(٤) - سورة البقرة الاية (١٦٣) .
(٥) - سورة مريم الاية (٩٣) .
(٦) - سورة طه الاية (٥) .
(٧) - سورة الاسراء الاية (١١٠) .
(٨) - سورة الفرقان الاية (٢٦) .
(٩) - سورة البقرة الاية (٣٧) .
(١٠) - سورة البقرة الاية (١٤٣) .
(١١) - سورة البقرة الاية (١٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>