للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ) (١) قال الحليمي في معنى الباسط: إنه الناشر فضله على عباده يرزق ويوسع، ويجود ويفضل ويمكن ويخول ويعطي أكثر مما يحتاج إليه, وقال في معنى القابض: يطوي بره ومعروفه عمن يريد ويضيق ويقتر أو يحرم فيفقر قال أبو سليمان: وقيل القابض وهو الذي يقبض الأرواح بالموت الذي كتبه على العباد وقال: ولا ينبغي أن يدعى ربنا جل جلاله باسم القابض حتى يقال معه الباسط (٢) .

وقال ابن القيم رحمه الله:

هُوَ قَابِضٌ هُوَ بَاسِطٌ هُوَ خَافِضٌ ... هُوَ رَافِعٌ بِالعَدلِ وَالمِيزَانِ

وهو المُعزُّ لأهلِ طَاعَتِهِ وذَا ... عِزٌّ حَقِيقِيٌّ بِلاَ بُطلاَنِ

وَهُوَ المُذِلُّ لِمَن يَشَاءُ بِذِلَّةِ الدَّ ... ارَينِ ذُل شَقَا وَذُلُّ هَوَانِ

فهو سبحانه القابض الباسط, يقبض الارواح, ويقبض القلوب, ويبسط الارزاق لمن يشاء ويقبضه عمن يشاء, فهو الذي يطوي بره ومعروفه عمن يريد ويضيق ويقتر, وهو الذي ينشر فضله على عباده, ويوسع ويجود, فهو الذي يبسط رحمته على القلوب حتى تستضيء وتخرج من وضر الذنوب وتنشرح وتسعد وهو الذي يقبض القلوب فيضيقها حتى تصير حرجا كانما تصعد في السماء, ويبسطها بما يفيض عليها من معاني بره ولطفه واحسانه, قال تعالى: {فمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (٣) .

[ثمرة معرفة اسم الله القابض الباسط]

اذا عرف المكلف ان الله سبحانه وتعالى القابض الباسط والا قابض ولاباسط على الاطلاق الا هو سبحانه وتعالى وانه الذي يقبض الارواح والانفس والقلوب ويبسط الارزاق وانه الذي يبسط القلوب والالسنة والايدي, وانه الذي يبسط السحاب في السماء ويدبر شؤن العباد بحكمته وعدله ورحمته, وان السموات والارض قبضته, وان يده مبسوطة لمن تاب, وانه ينفق ويرزق كيف يشاء, قال تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} (٤) وجب عليه ان يؤمن به وان يخافه من قبضه عنه منافع الدنيا والاخرة, وان يفرده بالعبادة ويخلص له العمل, وان يبسط قلبه لاحكام الله, ولسانه لذكره وشكره, ويده لبذل الواجبات والصدقات, وان يكون مبسوط القلب بمعرفة الله منشرح الصدر بنعم الله باسطا وجهه للناس, فاذا كنت ذا بسط في الجسم فابسطه في بالعبادة التي تفضي بك الى السعادة في الدنيا والاخرة, وان كنت ذا بسط في المال فابسط يدك في العطاء واعطف عن المساكين والضعفاء, وتألف به قلوب العلماء والحكماء, واعمر به المساجد والمساكن للضعفة والزمنا, وازل ما على عينك من الغطاء ولا


(١) - البخاري في صحيحه حديث رقم (٦٠٣٨) .
(٢) - الاسماء ولاصفات للبيهقي ص ١٦٨.
(٣) - سورة الانعام الاية (١٢٥) .
(٤) - سورة المائدة الاية (٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>