للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما زكي قنصل فهو يقول:

بئس الزعامة إن تكن أهدافها ... حب الظهور وبئس من يتزعم

قلتُ: الظاهر أن السلطان إذا نصر المظلوم ولم يتعدَ في سلطانه, وأقام دعائم العدل وبنيانه, وأحسن إلى رعيته وإخوانه, فإنه يكون مأجوراً غير مأزور, ويرحم الله عبد الله بن المبارك حيث يقول:

لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهباً لأقوانا

فالسلطان يجب عليه الورع والصبر والعدل, فإنه لا يرجو السلامة من لم تسلم البرية منه, وقد قيل: أن الدولة التي يحوطها الدين لا تغلب, والنعمة التي يحرسها الشكر لا تسلب, فإذا تمسك ولي الأمر بالملة, وعمل بالسنة, وحافظ على الشريعة, لزم إجلاله واحترامه, فالرشيد لا يستخف بالعلماء, ولا يعرض عن الحكماء, ولا يسيء الاختيار, ولا يغضب ويأخذ بالثأر إلا ما كان حقاً لله الواحد القهار, فاستخفافه بالعلماء, واعراضه عنهم يثبت جهله, وينفي عقله, وإن مَن أحسن الاختيار لوزرائه, وعدل في سيرته, وأحسن النية في سريرته, وأجرى أمره على الخاص والعام بالسواء؛ استقام أمره, ومن أعرض عن ذلك ضاعت رعيته, وضعفت سياسيته, وبطلت رئاسته, وهاجت عليه العامة, فاستباحت الحرمات, وقطعت الطرقات, ولم ينل منها طيب الوفاء, ولا حسن الثناء, ويرحم الله شوقي حيث يقول:

نجد وأيامنا هازلة ... ونهلك حرصاً على الزائلة

<<  <  ج: ص:  >  >>