للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْيَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ (١) وفي الذكر الحكيم: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (٢) وفي الحديث النبوي (أكثروا من ذكر هادم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه) (٣) وليس ذكر الموت يعني افساد الحياة واساءة العمل فيها, بل للتخفيف من غلوائها وكفكفة الاغترار بها. فاذا اعتدل التفكير فلن تتحول السعة الى فوضى, ولن يتحول الضيق الى سجن, وانما المراد انتزاع الغرور من قلب الإنسان وصرفه عن الفتنة الى النعمة, وان البقاء والخلود مستحيل, ومن ايقن بذلك احسن العمل, وفي امثال العرب: "لكل جنب مصرع, ومن لم يمت عاجلا مات اجلا" وقديما قيل:"الموت باب الاخرة, والموت حوض مورود, والموت مع الناس رحمة" قال الشاعر:

وما تؤخر من نفس وان حرصت ... على الحياة اذا ماجاء داعيها (٤)

وقال اخر:

وَالناسُ في الدُنيا كَظِلٍّ زائِلٍ ... كُلٌّ إِلى حُكمِ الفَناءِ يَصيرُ

فَالناسُ وَالمَلكُ المُتَوَّجُ واحِدٌ ... لا آمِرٌ يَبقى وَلا مَأمورُ


(١) - ابن ماجه في سننه حديث رقم (٤٢٤٩) .
(٢) - سورة آل عمران الآية (١٨٥) .
(٣) - مسند الشهاب حديث رقم (٦٦٨) .
(٤) - هذا البيت للشماخ بن خليف.

<<  <  ج: ص:  >  >>