للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم. (١)

أما عروة بن الورد (٢) فإنه يرى استحباب السفر والاغتراب فيقول:

فَسِر في بِلادِ اللَهِ وَاِلتَمِسِ الغِنى ... تَعِش ذا يَسارٍ أَو تَموتَ فَتُعذَرا

وَما طالِبُ الحاجاتِ مِن كُلِّ وِجهَةٍ ... مِنَ الناسِ إِلاّ مَن أَجَدَّ وَشَمَّرا

وقال آخر:

ليس الفتى بفتىً لا يستضاء به ... ولا يكون له في الأرض آثار

أما البحتري (٣) فهو يرى أن الإنسان إذا كان معدماً فعليه أن يتغرب وذلك حيث يقول:

وَإِذا الزَمانُ كَساكَ حُلَّةَ مُعدِمٍ ... فَاِلبَس لَهُ حُلَلَ النَوى وَتَغَرَّبِ

وَلَقَد أَبيتُ مَعِ الكَواكِبِ راكِباً ... أَعجازَها بِعَزيمَةٍ كَالكَوكَبِ

وقد يكون السفر واجباً أو مستحباً فيجب للجهاد والحج ... إلخ والهجرة قد تكون واجبة بالنقلة عن البلد التي لا يستطيع الإنسان فيها أن يحفظ كرامته ودينه, وقيل غير ذلك, وفي الحديث: (لا هجرة بعد الفتح


(١) - انظر رياض الصالحين للإمام أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي, (المتوفى سنة ٦٧٦هـ) , ج١ص١١٧, الناشر: المكتب الإسلامي بيروت.
(٢) - عروة بن الورد بن زيد العبسي، (ت ٣٠ق. هـ٥٩٣م) من غطفان, من شعراء الجاهلية وفرسانها وأجوادها, كان يلقب بعروة الصعاليك لجمعه إياهم، وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم.
(٣) - البُحتُرِيّ (٢٠٦-٢٨٤هـ/٨٢١-٨٩٧م) الوليد ابن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري, شاعر كبير، يقال لشعره: سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري.

<<  <  ج: ص:  >  >>