للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان يرحل فهو موسم لحصاد الحسنات فاغتنم فيه من الاعمال الصالحات, قال الشاعر:

ألا إنَّ شهر الصَّوم عنكم قد انقضى ... فهل مُرجع منكم لوشك انصرامهِ

وهل فيكمُ مستوحش لفراقه ... وما فاته من صومه وقيامهِ

فلا تغفلوا يا قوم إخراج حقّه ... وأدُّوا زكاة الفطر عند تمامهِ

وما شرعت إلاَّ لتكفير لَغْوهِ ... ولم تُفرض إلاَّ طُهرةً لصيامهِ

فقد فازَ مَن زكَّى امتثالاً لربِّه ... وحاز بشهر الصَّوم تكفير عامهِ (١)

فربما كان الصيام لك دواء ولروحك غذاء, فاذا هيمنت الفطرة الايمانية على قلبك في شهر الصيام وغذي قلبك بعوامل حب الله تزودت بالتقوى وفرحت بفضل الله ورحمته واخلصت لله في عبادته وقصدت الله في كل شيء وعرفت انه المقصود في الرغائب المستغاث به عند المصائب, وانه الصمد الكامل في كل الصفات, وانه سبحانه الصمد الذي يصمد اليه في الحوائج وهو الصمد الذي لايزول ابدا, وقد قال بعض العلماء: من اراد ان يتحلى بكمالات الصمد فليقلل من الاكل والشرب وليترك فضول الكلام, اي الهذر, فمن كثر كلامه كثر خطؤه (٢) , فالمؤمن الصائم الصادق في ايمانه لايقصد بحوائجه غير الله ولايعول الا على الله ولايضع الامال الا بالله الصمد الواحد الاحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد, فتعرف على اسمه الصمد تفلح وتسعد.

الصمد من اسماء الله الحسنى

الصمد ورد في كتاب الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ} (٣) وورد في حديث ابي هريرة عند الترمذي ان لله تسعة وتسعين اسما وعد منها (الصمد) وجاء عند البخاري في فضائل القرآن من حديث ابي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لاصحابه: (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ, فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ) (٤) وروى البيهقي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (الصمد) , قال: السيد الذي كمل في سؤدده والشريف الذي كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمه، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله عز وجل هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفو (٥) وليس كمثله شيء، فسبحان الله الواحد القهار (٦) , والصمد هو الذي تصمد اليه جميع المخلوقات اي تقصده بالذل والحاجة والافتقار وهو الذي كمل في علمه, وحكمته وحلمه وقدرته وعظمته ورحمته وسائر اوصافه


(١) - وردت هذه الابيات في الازدهار للسيوطي غير منسوبة الى قائل بعينه.
(٢) - موسوعة اسماء الله الحسنى, ص٥٣٥.
(٣) - سورة الصمد الآيتان (١-٢) .
(٤) - البخاري في صحيحه حديث رقم (٤٦٢٨) .
(٥) - الكُفْءُ والكُفُؤُ بسكون الفاء وضمها: النظير والمِثْل.
(٦) - الاسماء والصفات للبيهقي, ص ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>