للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

تَوَجَّهْ إِلى مَولاكَ وَاِرضَ بِفَصلِهِ ... تَوَكَّلْ عَلى الرَّحمَنِ في الأَمرِ كُلِّهِ

فَما خابَ حقّاً مَن عَليهِ تَوكَّلا

أَلا كُلُّ مَقدورٍ يَكونُ بِعِلمِهِ ... فَكُن رَجُلاً لِلحقِّ مِن أَهلِ فَهمِهِ

وَسَلِّم إِلَيهِ الأَمرَ تَحظَ بِحُكمِهِ ... وَكُن واثِقاً بِاللَّهِ وَاِصبِرْ لِحُكمِهِ (١)

وقال اخر:

تَوَكَّل عَلى الرَحمَنِ في كُلِّ حاجَةٍ ... أَرَدتَ فَإِنَّ اللَهَ يَقضي وَيَقدِرُ

مَتى ما يُرِد ذو العَرشِ أَمراً بِعَبدِهِ ... يُصِبهُ وَما لِلعَبدِ ما يَتَخَيَّرُ

وَقَد يَهلِكُ الإِنسانُ مِن بابِ أَمنِهِ ... وَيَنجو لَعَمرُ اللَهِ مِن حَيثُ يَحذَرُ (٢)

التوكل على الله يذهب الهم والحزن

التوكل على الله زاد روحي يجعل المؤمن يتغلب على الخوف والقلق, وهو الذي يعطي المؤمن بسمة امام احلك الساعات التي تمر به, ويهبه سكينة النفس التي حرم منها كثير من سكان هذه الارض, والتوكل على الله يقوي الهمة ولا يضعفها, ويشجع على العمل ولايؤدي الى الكسل ولكن لابد ان يسبقه التشاور والاخذ بالاسباب كما ارشد إلى ذلك العزيز الوهاب: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِفَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (٣) وقد روى ابن ابي الدنيا عن سعيد بن جبير, قال: (التوكل على الله جماع الإيمان) (٤) ومتى اعتمد القلب على الله ولم يستسلم للاوهام وتوكل على الله ووثق به اندفعت عنه الهموم والغموم وكثير من الاسقام القلبية والبدنية, وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور مالا يمكن التعبير عنه, فالمتوكل على الله قوي القلب لاتزعجه الحوادث لعلمه أن ذلك من ضعف النفس ومن الخور والخوف, فهو يعلم ان الله سبحانه وتعالى قد تكفل من توكل عليه بالنصر والتاييد والكفاية, فهو يثق بالله ويطمئن لوعده فيزول همه وقلقه ويتبدل عسره يسرا وترحه فرحا قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٥) وقد ورد في السنة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (٦) وقال الشوكاني وفي الحديث دليل على أنه لا يقال هذا الدعاء إلا إذا غلبه أمر وعجز عن دفعه, قوله نعم الوكيل أي نعم الكفيل بأمور عباده العالم بها فهو المستقل بالأمور, وكلها موكولة إليه (٧) , وروى الحاكم من حديث ابي هريرة ان


(١) - هذه الابيات للمفتي فتح الله عبد اللطيف سبق ترجمته.
(٢) - هذه الابيات لابي العتاهية.
(٣) - سورة آل عمران الاية (١٥٩) .
(٤) - كتاب التوكل على الله تاليف ابي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف بأبن ابي الدنيا ص ٤٨ الناشر مؤسسة الكتب الثقافية بيروت لبنان الطبعة الاولى ١٤١٣هـ ١٩٩٣م.
(٥) - سورة الطلاق الاية (٣) .
(٦) - اخرجه ابي داود في سننه باب الرجل يحلف على حقه حديث رقم (٣١٤٣) .
(٧) - تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين للشوكاني الناشر / دار القلم - بيروت - لبنان - ١٩٨٤م ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>