للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباده بما يشاء سبحانه وتعالى، فإذا خص الأنبياء بتحريم أجسادهم على الأرض فلا غرابة في ذلك; لما لهم لديه من الكرامة.

والصلاة والسلام عليه مشروعة مطلقا، ولو فرضنا أن الجسد قد أكلته الأرض كما تأكل أجساد الناس الآخرين، فإن هذا لا يمنع من الصلاة والسلام عليه، ولا يمنع أيضا من تخصيص الجمعة بالإكثار من ذلك لما جاء في الحديث، فإن الصلاة والسلام عليه مشروعان دائما -عليه الصلاة والسلام- في حياته وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

وقد قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (١) [الأحزاب: ٥٦] ، اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين.

وقال عليه الصلاة والسلام كما روى مسلم في الصحيح: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا» (٢) . فالصلاة والسلام عليه أمر مشروع في حياته وبعد وفاته، حال كونه في البرزخ وفي غير ذلك، وهذا أمر مشروع ومعلوم عند الجميع.

أما كون جسده يبقى فهو في هذا الحديث، وسنده لا بأس به عند أهل العلم، أما قول العباس، فلم أعلم إلى يومي هذا صحته ولم أتتبع أسانيده، ولو فرضنا صحة هذا عن العباس فإنه لا ينافيه; فقد يعتري الجسد ما يعتريه ولكنه يسلم ويبقى، ويحرم على الأرض أن تأكله، ويزول ما يعتريه من تغير ورائحة، فإن الله على كل شيء قدير سبحانه وتعالى، فإذا وضع في القبر ففي الإمكان أن تزول هذه الرائحة وهذا التغير، وأن يبقى الجسد سليما طريا، وليس في الشرع ولا في العقل


(١) سورة الأحزاب الآية ٥٦
(٢) صحيح مسلم الصلاة (٣٨٤) ,سنن الترمذي المناقب (٣٦١٤) ,سنن النسائي الأذان (٦٧٨) ,سنن أبو داود الصلاة (٥٢٣) ,مسند أحمد بن حنبل (٢/١٦٨) .

<<  <   >  >>