للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء» (١) وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى: «قيل: يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس» (٢)

وفي لفظ آخر: «الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي» (٣) وفي لفظ آخر: «هم النزاع من القبائل» (٤) ، وفي لفظ آخر: «هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير» (٥) .

فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (٦) {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (٧) {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (٨) [فصلت: ٣٠-٣٢] . {مَا تَدَّعُونَ} (٩) أي ما تطلبون.

فالإسلام بدأ قليلا غريبا في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجرا وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريبا أيضا حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله


(١) صحيح مسلم الإيمان (١٤٥) ,سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٦) ,مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٨٩) .
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٤/٧٤) .
(٣) سنن الترمذي الإيمان (٢٦٣٠) .
(٤) سنن الترمذي الإيمان (٢٦٢٩) ,سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٨) ,مسند أحمد بن حنبل (١/٣٩٨) ,سنن الدارمي الرقاق (٢٧٥٥) .
(٥) مسند أحمد بن حنبل (٢/١٧٧) .
(٦) سورة فصلت الآية ٣٠
(٧) سورة فصلت الآية ٣١
(٨) سورة فصلت الآية ٣٢
(٩) سورة فصلت الآية ٣١

<<  <   >  >>