للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرك وتنفي العبادة لغير الله، وتوجب العبادة لله وحده، وهذا معنى قوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (١) [الإسراء: ٢٣] ، وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (٢) [البينة: ٥] ، ومعنى قوله جل وعلا: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (٣) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (٤) [الزمر: ٢، ٣] ، وقوله سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (٥) [غافر: ١٤] .

فالواجب توجيه العباد إلى الخير، وإرشادهم إلى توحيد الله، وأن الواجب على كل إنسان أن يعبد الله وحده، ويخصه بالعبادة؛ من دعاء، ورجاء، وتوكل وطلب الغوث، وصلاة، وصيام، إلى غير ذلك، كله لله وحده، ولا يجوز أبدا فعل شيء من ذلك لغير الله سبحانه وتعالى، سواء كان نبيا أو وليا أو غير ذلك.

فالنبي لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا إلا بإذن الله، ولكن يجب أن يتبع ويطاع في الحق ويحب المحبة الصادقة، ونبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأشرفهم ومع ذلك لا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به، ولا يسجد له، ولا يصلى له، ولا يطلب منه المدد، ولكن يتبع، ويصلى ويسلم عليه، ويجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا، وأموالنا وآبائنا وأولادنا، وغيرهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (٦) .

لكن هذه المحبة لا توجب أن نشرك به، ولا تسوغ لنا أن ندعوه من دون الله، أو نستغيث به، أو نسأله المدد، أو الشفاء. ولكن نحبه المحبة الصادقة لأنه رسول الله إلينا، ولأنه أفضل


(١) سورة الإسراء الآية ٢٣
(٢) سورة البينة الآية ٥
(٣) سورة الزمر الآية ٢
(٤) سورة الزمر الآية ٣
(٥) سورة غافر الآية ١٤
(٦) صحيح البخاري الإيمان (١٥) ,صحيح مسلم الإيمان (٤٤) ,سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠١٣) ,سنن ابن ماجه المقدمة (٦٧) ,مسند أحمد بن حنبل (٣/٢٧٨) ,سنن الدارمي الرقاق (٢٧٤١) .

<<  <   >  >>