للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا على جواز طلب الحاجات من الأموات والغائبين والجن وغيرهم.

وأما التوسل بهم، أي بجاههم، وبمحبتهم فهذا فيه تفصيل؛ أما الجاه فلا يجوز التوسل به، فلا يقال: أسألك يا الله بجاه فلان أو بحق فلان، هذا غير مشروع بل بدعة.

أما التوسل بحبهم، أي بحب أهل الإيمان، فهذا طاعة لله، فحبهم حق، فإذا قال المؤمن أو المؤمنة: اللهم إني أسألك بحبي لأوليائك ولرسلك وإيماني بهم، فهذا لا بأس به.

وأما دعاؤهم فلا يجوز، فلو قالت: يا سيدي يا رسول الله أغثني، أو يا أبا بكر أغثني، أو يا عمر أغثني، أو اشفني، فصادف أنه شفي من مرضه، فليس هذا من أجل هذا الدعاء، بل هذا وافق القدر الذي قدره الله أن يشفى، فقد يظن هذا المريض -أو هذه المريضة- أنه بأسباب دعائه، وهذا ليس بسبب ذلك، لكن صادف القدر وكان ابتلاء وامتحانا.

فالواجب الانتباه، وأن ينتبه المؤمن والمسلم لهذا الأمر، ولا يظن أن الولي هو الذي شفاه، بل الله الذي يشفيه سبحانه وتعالى، كما قال عن الخليل إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (١) [الشعراء: ٨٠] ، فهو الذي يشفي جل وعلا، وهو الذي يقضي الحاجات للعباد، بأن يكتب لهم الشفاء، ويهب لهم العلم، إلى غير ذلك.

أما المخلوق الحي الحاضر القادر إذا طلبت منه حاجة يقدر عليها فهذا لا بأس به، وليس من الشرك. كأن تقول لأخيك أو لصديقك: أعني على كذا بكذا وكذا، أو أقرضني كذا وكذا، أو ساعدني على تعمير بيتي، أو إصلاح سيارتي، فهذا لا بأس به؛ لأن الله سبحانه ذكر عن كليمه


(١) سورة الشعراء الآية ٨٠

<<  <   >  >>