منهم معصوم لا يقع منه خطأ، بل كل واحد له أغلاط حسب ما خفي عليه من السنة، وحسب ما عرفوا من كتاب الله عز وجل، فقد يفوت بعضهم شيء من العلم وشيء من السنة، فهذا أمر معلوم يشملهم وغيرهم، كالأوزاعي، وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وغيرهم من الأئمة المعروفين.
فكل واحد منهم قد يفوته بعض العلم؛ لأنه ليس كل واحد يحيط بالسنة ويحيط بالعلم، فقد يفوته بعض الأشياء، لكنهم أئمة الهدى، ولهم أتباع نظموا مذاهبهم، وجمعوا مسائلهم وفتاواهم، وكتبوا في ذلك حتى انتشرت هذه المذاهب وعلمت بسبب أتباعهم الذين ألفوا فيها، وجمعوا فيها مسائل هؤلاء الأئمة وما أفتوا به في ذلك، فقد يقع بعض الأخطاء من بعضهم؛ لأنه لم تبلغه السنة في بعض المسائل فأفتى باجتهاده، قد يقع الخطأ من أجل ذلك، والآخر بلغه الحديث وعرف الحديث فأفتى بالصواب، فهذه تقع لكل واحد منهم في مسائل معدودة رحمهم الله؛ ولهذا قال مالك رحمه الله:(ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما اختيار مذهب معين فهذا في حق طلبة العلم، فطلبة العلم عليهم ألا يقلدوا أحدا، ولكن إذا انتسب إلى أحد المذاهب من باب الانتساب، لأنه رأى قواعده وأصوله توافقه فلا بأس، لكن ليس له أن يقلد الشافعي ولا أحمد ولا مالكا ولا أبا حنيفة، ولا غيرهم، بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا، وعليه أن ينظر في الأدلة، فما رجح في الأدلة من مسائل الخلاف أخذ به، وأما ما أجمع عليه العلماء فليس لأحد أن يخالفه؛ لأن