للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم القول بأن البدعة تنقسم إلى حسنة وسيئة وإلى محرمة وواجبة ; قول بلا دليل، وقد رد ذلك أهل العلم واليقين وبينوا خطأ هذا التقسيم، واحتجوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (١) يعني: فهو مردود (متفق على صحته) ، وروى مسلم رحمه الله في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (٢) يعني: فهو مردود.

وفي الصحيح عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» (٣) ، ولم يقل البدعة فيها كذا وكذا; بل قال: «كل بدعة ضلالة،» (٤) وقد وعظ أصحابه فقال: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة»

والبدعة شرعا إنما تكون في أمور الدين والتقرب إلى الله سبحانه، لا في أمور الدنيا، أما أمور الدنيا مثل المآكل والمشارب فللناس أن يحدثوا بمآكلهم وطعامهم وشرابهم صناعات خاصة، يصنعون الخبز على طريقة والأرز على طريقة، وأنواعا أخرى على طريقة، لهم أن يتنوعوا في طعامهم، وليس في هذا حرج.

وإنما الكلام في القربات والعبادات التي يتقرب بها إلى الله، هذا هو محل التبديع، وكذلك الصناعات، وآلات الحرب للناس أن يحدثوا أشياء يستعينون بها في الحرب، من القنابل والمدافع وغير ذلك، وللناس أن يحدثوا المراكب والطائرات والسفن الفضائية والقطارات،


(١) صحيح البخاري الصلح (٢٥٥٠) ,صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ,سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦) ,سنن ابن ماجه المقدمة (١٤) ,مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٧٠) .
(٢) صحيح البخاري الصلح (٢٥٥٠) ,صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ,سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦) ,سنن ابن ماجه المقدمة (١٤) ,مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .
(٣) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧) ,سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨) ,سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٥٤) ,سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥) ,مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٧١) ,سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦) .
(٤) سنن أبو داود السنة (٤٦٠٧) ,سنن ابن ماجه المقدمة (٤٢) .

<<  <   >  >>