للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من نصف ساعة إلى ساعة أو ساعتين لقراءتها قراءة دقيقة"١. وجميع النقاد يتفقون على المبادئ الأساسية التي وضعها "بو" للقصة القصيرة، ولكننا قد نجد من يختلف في مسألة التحديد الزمني، فمنهم من يحدد مدة قراءتها بين ربع ساعة وثلثها. وفي تعريف "هـ. ج. ولز" لها ذهب إلى أنها تقرأ في أقل من ساعة٢.

وربما كان التحديد الزمني يتأثر بمدى سرعة القراءة؛ ولذلك كان من الأفضل تحديدها في المكان. يقول "موزلي": "إنني أوافق على أن الإنسان لا يستطيع أن يحدد بدقة طول القصة القصيرة، ولكنني أعتقد أن الغالب أن أي قصة تقع في أقل من ٥٠٠ كلمة من الأفضل أن تسمى Sketch، وأن أي قصة تقع في أكثر من ١٠٠٠٠ كلمة من الأفضل أن توصف بأنها قصيصة Novelette، وعندي أن القصة القصيرة بحق ينبغي أن تتراوح في الطول بين ١٥٠٠ و١٠٠٠٠ كلمة"٣.

ومهما يكن من أمر فليس هذا التحديد غاية في ذاته، ولكنه مهم لما يترتب عليه؛ لأن الحيز الضيق يؤثر في اختيار الموضوع, وطريقة السرد، وبناء الحادثة، والصياغة اللفظية، وكذلك في الصورة العامة للعمل الأدبي. وهنا لا يلتبس تلخيص الرواية الطويلة في صفحات قليلة بالقصة القصيرة، والفرق بينهما هو الفرق بين الموضوع الحي المعروض في صورة عضوية متفاعلة الأجزاء متكاملة العناصر، والموضوع الجامد الذي يغلب عليه طابع التجريد والتلخيص. فالقصة القصيرة من الممكن أن تجتاز بالقارئ فترة زمنية طويلة، كما تصنع الرواية، ولكن يحدث الفرق هنا في طريقة العرض. فالتفصيلات والجزئيات التي تملأ كل يوم وكل ساعة في تلك الفترة الزمنية لا حاجة لكاتب القصة القصيرة بها، بل إنه يجتاز كل شيء لينتقل مباشرة من لمسة من لمساته للموضوع إلى أخرى، مجتازًا بذلك من الزمن فترة قد تطول وقد تقصر. فطريقة العلاج ترتبط ارتباطًا حيًّا بالموضوع، وهذا -من جهة أخرى- فرق جوهري بين القصة القصيرة والطويلة. فلينتقل كاتب القصة القصيرة في الزمن كيف شاء، وليجتز الشهور والسنين، ولكن الذي يجعل عمله قصة قصيرة -برغم ذلك- هو الوحدة الزمنية التي تتمثل في القصة. فلا بد في القصة القصيرة من هذه الوحدة الزمنية التي ترتبط بين لمساته المتباعدة في الزمان. وهذا طبيعي إذا عرفنا أن القصة القصيرة في عمومها لا تتجاوز الفكرة الواحدة، فحسب كاتب القصة القصيرة الناجحة أن يصور هذه الفكرة أو تلك في


١ Hudson. op. cit, p٤٥١.
٢ انظر:
Sydney A. Moseley: Short Story Writing and Free- Lance Journalism., London, ٥th ed. ١٩٨٤, p. ١٨٨.
٣ نفس المصدر ص١١٨, ١١٩.

<<  <   >  >>