للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هذا إحصاء لمناهج القصة القصيرة، وإنما شئنا هنا أن نقدم مجموعة من المناهج البارزة الشائعة. وما يزال كتاب القصة القصيرة يطلون علينا بين الحين والآخر بكشوفهم الجديدة في هذا الميدان، فيزيدون هذا الفن ثراء وتنوعًا، ويعملون -بطريقة غير مباشرة- على تطوير هذا الفن.

وقد عرفنا أن هناك نوعًا من القصص لا هو بالقصير ولا هو بالطويل ولكن بين بين، وهو ما أطلقنا عليه اسم القصيصة، تصغيرًا لاسم القصة. وهذا النوع غير ذائع نسبيًّا، فقليلون من يكتبونه أصلًا، والذين يكتبونه لا يتخذون منه نوعًا مميزًا لنتاجهم الفني. ومن أبرز من عالجوا هذا النوع في أدبنا القصصي يحيى حقي.

وكما يقل بين الكتاب إنتاج هذا النوع يقل كذلك النوع الآخر الذي سميناه بالأقصوصة، أي: القصة الأقصر من القصيرة، وأغلب ما يدور هذا النوع الأخير حول مشهد صغير أو فكرة جزئية أو مجرد الفكاهة أو اللمسة النفسية.

قصة أنا الشعب "دراسة تطبيقية":

هذه هي الخطوط العامة لنظرية "فن القصص"، وواضح أن المجال لا يتسع هنا لدراسة تطبيقية تمثل كل تلك الأنواع والأنماط، ومن ثم فإننا نكتفي بنموذج لدراسة إحدى القصص.

أما القصة فهي قصة "أنا الشعب"، وأما مؤلفها فهو الكاتب المشهور الأستاذ محمد فريد أبو حديد. وهو مشهور في أكثر من ميدان ولكن ربما كانت شهرته الأدبية راجعة أولًا إلى نتاجه الأدبي القصصي الممتاز، سواء منه التاريخي وغير التاريخي.

والحادثة في هذه القصة حادثة بسيطة، وإن كانت قد أخذت شكلًا معقدًا نوعًا ما؛ لكثرة ما تداخل فيها من المواقف الجزئية التي قد يكون لها أهميتها في بعض الأحيان، ولكنها كانت كذلك في أحيان أخرى لا يكاد يكون لها أثر ملحوظ في سياق الحادثة. ومن ذلك مثلًا محاولة "سيد" أن يحصل على شهادة البكالوريا، فنلاحظ أنه صرف جزءًا كبيرًا في التفكير في هذا الموضوع، كما أنه شغل جزءًا من سياق القصة بمحاولته الحصول على البكالوريا ونجاخه أخيرًا في الحصول عليها.

وإذا بحثنا عن المبرر لكل هذا في الحادثة, وجدنا المسألة أبسط من ذلك بكثير، فالقصة في ذاتها لا تفيد شيئًا من هذه المحاولة أكثر من أن تضيف شخصية جديدة هي شخصية "عبد الحميد عباس" صديق سيد القديم، فمحاولته الحصول على البكالوريا تدعوه إلى البحث عن هذا الصديق الذي أصبح مدرسًا ليستعين به في دراسته. ومنذ هذه اللحظة تبدأ أطراف خيوط جديدة لقصة صغيرة تسير جنبا إلى جنب مع القصة الأساسية، وهي قصة علاقة بين عبد الحميد هذا ومنيرة أخت سيد. وقد رأينا في آخر

<<  <   >  >>