للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر إلى أين انتهت هذه العلاقة، فقد اقترن عبد الحميد بمنيرة. وسواء وقفنا عند الحادثة التي صدرت عنها هذه القصة وهي الحصول على البكالوريا أو عند هذه القصة ذاتها، فإننا لا نكاد نجد لها أي دور خطير في سياق القصة ذاتها. بعبارة أخرى: ماذا يربط هذه المحاولة وهذه القصة بالحادثة الكبيرة في القصة الرئيسية؟ أي رباط يربط هذه الأشياء بالحادثة؟ وإلا فما دورها وما أهميتها؟ ومن أجل ذلك تضخمت القصة.

على أن الحادثة الأصلية ذاتها بسيطة كل البساطة، فهي قصة شاب من أسرة كبيرة فقدت عائلها، وكان هذا الشاب ما يزال في مقتبل عمره لم يحصل على البكالوريا بعد. وهو يحس بأن عليه مسئولية ضخمة وهو ما يزال في هذه السن الصغيرة: مسئولية الأسرة ومسئولية نفسه، وربما كان يحس كذلك بمسئوليات أخرى إزاء أشخاص كان يصاحبهم على مضض, وهو يلاقي في صداقته لهم شيئًا من العنت، ولكنه يحاول أن يفرض شخصيته على هؤلاء الأصدقاء. ويظل من هؤلاء شخصان سيكون لهما دورهما في القصة فيما بعد، أحدهما "مصطفى عجوة" والآخر "حمادة الأصفر". ويبدأ الفتى نوعًا من الجهاد في الحياة, يحاول الكتابة في بعض الصحف لأنه كان يظن أنه أديب بارع، ولكن محاولته الأولى لم تأت بنتيجة.

ثم ينتقل من هذه المحاولة إلى محاولة أخرى هي احتراف التمثيل، يغريه بذلك أصدقاؤه أنفسهم، ولكنه لا يستمر في هذه الحرفة طويلا؛ لأنه لا يحب أن يقف هو في الدور الذي يصفع فيه حتى وإن كان هذا تمثيلا وليس حقيقة. فهو إذن فتى متمرد منذ اللحظة الأولى، وربما كان لتمرده هذا أثر كبير في إخفاقه المتلاحق في الحياة، فهو كما أخفق في الكتابة إلى الصحف، وكما أخفق في احتراف التمثيل كذلك، لم تستمر وظيفته الجديدة التي ظفر بها في محلج "السيد أحمد جلال" كثيرًا.

كان بين السيد جلال هذا وبين والد سيد صداقة قديمة هي التي كانت سببًا في أن يلحق الفتى بمحلجه. وعندئذ تبدأ علاقة بين الفتى وبين "منى" بنة السيد جلال, وهنا تبدأ قصة مستقلة إلى حد ما هي قصة هذه العلاقة بين "سيد" و"منى". وهي علاقة ستصادف كثيرًا من العقبات، ويتكلف سيد في سبيلها كثيرًا من المشقات، ولكنها ستنتهي آخر الأمر نهايتها الطبيعية، فيقترن سيد بمنى. على أي حال لا يستمر سيد كثيرًا في محلج السيد جلال, ولم يكن هذا إلا لأن صديقه القديم مصطفى عجوة الذي كان يوقع به في كل مناسبة لدى السيد جلال قد نجح أخيرًا في أن يوغر صدر سيد عليه، وإذا به ينجح في أن يحمله على فصله من العمل.

ويخرج الفتى لا يدري سببًا لما حدث، ويتعمد مقابلة السيد جلال فيما بعد، وتنتهي المقابلة بينهما بتحدٍّ صارخ؛ ذلك أن الفتى كان يحس أنه لا يقل شيئًا عن السيد

<<  <   >  >>